للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الْآيَةُ. خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ، أَيْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ أَحَدٍ تُوجِبُ الْمُحَابَاةَ حتى يقول قائل: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَالْحُدُودُ تُقَامُ عَلَى كُلِّ مَنْ يُقَارِفُ مُوجِبَ الْحَدِّ. وَقِيلَ: أَيْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا يُرِيدُ، فَلِهَذَا فُرِّقَ بَيْنَ الْمُحَارِبِ وَبَيْنَ السَّارِقِ غَيْرِ الْمُحَارِبِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظَائِرُ هَذِهِ الْآيَةِ وَالْكَلَامُ فِيهَا فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهَا وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِآيَةِ السَّرِقَةِ مِنْ بَعْضِ أَحْكَامِ السَّرِقَةِ. وَاللَّهُ أعلم.

[[سورة المائدة (٥): آية ٤١]]

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٤١)

فِيهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ) الْآيَةَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قِيلَ نَزَلَتْ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، قَتَلَ قُرَظِيٌّ نَضِيرِيًّا وَكَانَ بَنُو النَّضِيرِ إِذَا قَتَلُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ لَمْ يُقِيدُوهُمْ، وَإِنَّمَا يُعْطُونَهُمُ الدِّيَةَ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ، فَتَحَاكَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَكَمَ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْقُرَظِيِّ وَالنَّضِيرِيِّ، فَسَاءَهُمْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلُوا. وَقِيلَ، إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ أَبِي لُبَابَةَ حِينَ أَرْسَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بني قريضة فَخَانَهُ حِينَ أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنَّهُ الذَّبْحُ «١». وَقِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي زِنَى الْيَهُودِيَّيْنِ وَقِصَّةِ الرَّجْمِ، وهذا أصح الأقوال، رواه


(١). كان ذلك يوم حصارهم، فسألوه ما الامر؟ وعلام ننزل من الحكم؟ فأشار إلى حلقه بمعنى أنه الذبح