للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة الشمس (٩١): آية ٣]]

وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (٣)

أَيْ كَشَفَهَا. فَقَالَ قَوْمٌ: جَلَّى الظُّلْمَةَ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ، كَمَا تَقُولُ: أَضْحَتْ بَارِدَةً، تُرِيدُ أَضْحَتْ غَدَاتُنَا بَارِدَةً. وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَالْكَلْبِيِّ وَغَيْرُهِمَا وَقَالَ قَوْمٌ: الضَّمِيرُ فِي جَلَّاها لِلشَّمْسِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُبَيِّنُ بِضَوْئِهِ جِرْمَهَا. وَمِنْهُ قَوْلُ قَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ:

تَجَلَّتْ لَنَا كَالشَّمْسِ تَحْتَ غَمَامَةً ... بَدَا حَاجِبٌ مِنْهَا وَضَنَّتْ بِحَاجِبِ

وَقِيلَ: جَلَّى مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ حَيَوَانِهَا حَتَّى ظَهَرَ، لِاسْتِتَارِهِ لَيْلًا وَانْتِشَارِهِ نَهَارًا. وَقِيلَ: جَلَّى الدُّنْيَا. وَقِيلَ: جَلَّى الْأَرْضُ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ، ومثله قوله تعالى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ «١» [ص: ٣٢] على ما تقدم آنفا.

[[سورة الشمس (٩١): آية ٤]]

وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤)

أَيْ يَغْشَى الشَّمْسَ، فَيَذْهَبُ بضوئها عند سقوطها، قال مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: يَغْشَى الدُّنْيَا بِالظُّلَمِ، فَتُظْلِمُ الآفاق. فالكناية ترجع إلى غير مذكور.

[[سورة الشمس (٩١): آية ٥]]

وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥)

أَيْ وَبُنْيَانِهَا. فَمَا مَصْدَرِيَّةٌ، كما قال: بِما غَفَرَ لِي رَبِّي «٢» [يس: ٢٧] أَيْ بِغُفْرَانِ رَبِّي، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَاخْتَارَهُ الْمُبَرِّدُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَمَنْ بَنَاهَا، قَالَهُ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ. أَيْ وَمَنْ خَلَقَهَا وَرَفَعَهَا، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى. وَحُكِيَ عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ: سُبْحَانَ مَا سَبَّحْتُ لَهُ، أَيْ سُبْحَانَ مَنْ سبحت له.

[[سورة الشمس (٩١): آية ٦]]

وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦)

أَيْ وَطَحْوِهَا. وَقِيلَ: وَمَنْ طَحَاهَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. أَيْ بَسَطَهَا، كَذَا قَالَ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ، مِثْلَ دَحَاهَا. قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا: طَحَاهَا وَدَحَاهَا: وَاحِدٌ، أَيْ بسطها


(١). آية ٣٢ سورة ص.
(٢). آية ٢٧ سورة يس.