للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة البينة (٩٨): آية ٨]]

جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (جَزاؤُهُمْ) أَيْ ثَوَابُهُمْ. (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أَيْ خَالِقِهِمْ وَمَالِكِهِمْ. (جَنَّاتُ) أَيْ بَسَاتِينُ. (عَدْنٍ) أَيْ إِقَامَةٍ. وَالْمُفَسِّرُونَ يَقُولُونَ: جَنَّاتُ عَدْنٍ بُطْنَانِ الْجَنَّةِ، أَيْ وَسَطُهَا، تَقُولُ: عَدَنَ بِالْمَكَانِ يَعْدِنُ [عَدْنًا وَعُدُونًا]: أَقَامَ. وَمَعْدِنُ الشَّيْءِ: مَرْكَزُهُ وَمُسْتَقَرُّهُ. قَالَ الْأَعْشَى:

وَإِنْ يُسْتَضَافُوا إِلَى حُكْمِهِ ... يُضَافُوا إِلَى رَاجِحٍ قَدْ عَدْنٍ

(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) لَا يَظْعَنُونَ وَلَا يَمُوتُونَ. (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) أَيْ رَضِيَ أَعْمَالَهُمْ، كَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ.) (وَرَضُوا عَنْهُ) أَيْ رَضُوا هُمْ بِثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. (ذلِكَ) أَيِ الْجَنَّةُ. (لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) أَيْ خَافَ ربه، فتناهي عن المعاصي.

[تفسير سورة الزلزلة]

سُورَةُ" الزَّلْزَلَةِ" مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ. وَمَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ. وَهِيَ تِسْعُ «١» آيَاتٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهَذِهِ السُّورَةُ فَضْلُهَا كَثِيرٌ، وَتَحْتَوِي عَلَى عَظِيمٍ: رَوَى الترمذي عن أنس ابن مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَرَأَ (إِذَا زُلْزِلَتْ)، عُدِلَتْ لَهُ بِنِصْفِ الْقُرْآنِ. وَمَنْ قَرَأَ (قُلْ يَا أيها الكافرون) [الْكَافِرُونَ: ١] عُدِلَتْ لَهُ بِرُبْعِ الْقُرْآنِ، وَمَنْ قَرَأَ (قل هو الله أحد) [الإخلاص: ١] عُدِلَتْ لَهُ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ (. قَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَرَأَ إِذَا زُلْزِلَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، كَانَ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ). وَرَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ (إِذَا زُلْزِلَتْ) بَكَى أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [لَوْلَا أَنَّكُمْ تُخْطِئُونَ وَتُذْنِبُونَ وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ، لَخَلَقَ أُمَّةً يُخْطِئُونَ وَيُذْنِبُونَ وَيَغْفِرُ لهم، إنه هو الغفور الرحيم [.


(١). في حاشية الشهاب: (آيها تسع أو ثمان).