للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة سبإ (٣٤): آيَةً ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) " الَّذِي" فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَلَى النَّعْتِ أَوِ الْبَدَلِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمَعْنَى أَعْنِي. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ أَهْلُ الْحَمْدِ" بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ. وَالْحَمْدُ الْكَامِلُ وَالثَّنَاءُ الشَّامِلُ كُلُّهُ لِلَّهِ، إِذِ النِّعَمُ كُلُّهَا مِنْهُ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهِ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ «١». (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) قِيلَ: هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ" «٢» [الزمر: ٤٧]. وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُهُ" وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" «٣» [يونس: ١٠] فَهُوَ الْمَحْمُودُ فِي الْآخِرَةِ كَمَا أَنَّهُ الْمَحْمُودُ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ الْمَالِكُ لِلْآخِرَةِ كَمَا أَنَّهُ الْمَالِكُ لِلْأُولَى. (وَهُوَ الْحَكِيمُ) فِي فِعْلِهِ. (الْخَبِيرُ) بأمر خلقه.

[[سورة سبإ (٣٤): آية ٢]]

يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) أَيْ مَا يَدْخُلُ فِيهَا مِنْ قَطْرٍ وَغَيْرِهِ، كَمَا قَالَ:" فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ" «٤» [الزمر: ٢١] مِنَ الْكُنُوزِ وَالدَّفَائِنِ وَالْأَمْوَاتِ وَمَا هِيَ لَهُ كِفَاتٌ «٥». (وَما يَخْرُجُ مِنْها) مِنْ نَبَاتٍ وَغَيْرِهِ. (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) مِنَ الْأَمْطَارِ وَالثُّلُوجِ وَالْبَرَدِ وَالصَّوَاعِقِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْمَقَادِيرِ وَالْبَرَكَاتِ. وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ" وَمَا نُنَزِّلُ" بِالنُّونِ وَالتَّشْدِيدِ. (وَما يَعْرُجُ فِيها) مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَأَعْمَالِ الْعِبَادِ، قاله الحسن وغيره (وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ).


(١). راجع ج ١ ص ١٣١.
(٢). راجع ج ١٥ ص ٢٨٤ فما بعد.
(٣). راجع ج ٨ ص ٣١٣.
(٤). راجع ج ١٥ ص ٢٤٥.
(٥). الكفات: الموضع الذي يضم إليه الشيء ويقبض.