وَالتَّحْرِيفِ، وَأَمَّا الْعَاقِبَةُ فَتَكُونُ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: هُوَ مُنْقَطِعٌ، وَالْمَعْنَى لَنْ يَضُرُّوكُمْ أَلْبَتَّةَ، لَكِنْ يُؤْذُونَكُمْ بِمَا يُسْمِعُونَكُمْ. قَالَ مُقَاتِلٌ: إِنَّ رُءُوسَ الْيَهُودِ: كَعْبٌ وَعَدِيٌّ وَالنُّعْمَانُ وَأَبُو رَافِعٍ وَأَبُو يَاسِرٍ وَكِنَانَةُ وَابْنُ صُورِيَّا عَمَدُوا إِلَى مُؤْمِنِيهِمْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ فَآذَوْهُمْ لِإِسْلَامِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً" يَعْنِي بِاللِّسَانِ، وَتَمَّ الْكَلَامُ. ثُمَّ قَالَ: (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) يَعْنِي مُنْهَزِمِينَ، وَتَمَّ الْكَلَامُ." ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ" مُسْتَأْنَفٌ، فَلِذَلِكَ ثَبَتَتْ فِيهِ النُّونُ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مُعْجِزَةٌ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّ مَنْ قاتله من اليهود ولاه دبره.
[سورة آل عمران (٣): الآيات ١١٢ الى ١١٥]
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢) لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤) وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) يعنى اليهود. (أَيْنَما ثُقِفُوا) أَيْ وُجِدُوا وَلُقُوا، وَتَمَّ الْكَلَامُ. وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ مَعْنَى ضَرْبِ الذِّلَّةِ عَلَيْهِمْ «١». (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ. أَيْ لَكِنَّهُمْ يَعْتَصِمُونَ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ. (وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) يَعْنِي الذِّمَّةَ الَّتِي لَهُمْ. وَالنَّاسُ: مُحَمَّدٌ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤَدُّونَ إِلَيْهِمُ الْخَرَاجَ فيؤمنونهم. وفي الكلام
(١). راجع ج ١ ص ٤٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute