للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(مَا أَلْوَانُهَا)؟ قَالَ: حُمْرٌ: (هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ) «١»؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: (فَمِنْ أَيْنَ ذَلِكَ)؟ قَالَ: لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَهَذَا الْغُلَامُ لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ). وَهَذَا حَقِيقَةُ الْجِدَالِ وَنِهَايَةٌ فِي تَبْيِينِ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[[سورة آل عمران (٣): آية ٦٧]]

مَا كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)

نَزَّهَهُ تَعَالَى مِنْ دَعَاوِيهِمُ الْكَاذِبَةِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ مُشْرِكًا. وَالْحَنِيفُ: الَّذِي يُوَحِّدُ وَيَحُجُّ وَيُضَحِّي وَيَخْتَتِنُ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ" اشْتِقَاقُهُ «٢». وَالْمُسْلِمُ فِي اللُّغَةِ: الْمُتَذَلِّلُ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنْطَاعُ لَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ" مَعْنَى الْإِسْلَامِ»

مستوفى والحمد لله.

[[سورة آل عمران (٣): آية ٦٨]]

إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨)

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رُؤَسَاءِ الْيَهُودِ: وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّا أَوْلَى النَّاسِ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ مِنْكَ وَمِنْ غَيْرِكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا وَمَا بِكَ إِلَّا الْحَسَدُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. (أَوْلَى) مَعْنَاهُ أَحَقُّ، قِيلَ: بِالْمَعُونَةِ وَالنُّصْرَةِ. وَقِيلَ بِالْحُجَّةِ. (لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) عَلَى مِلَّتِهِ وَسُنَّتِهِ. (وَهذَا النَّبِيُّ) أَفْرَدَ ذِكْرَهُ تَعْظِيمًا لَهُ، كما قال" فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ" [الرحمن: ٦٨] «٤» وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ" هَذَا الْمَعْنَى مُسْتَوْفًى. وَ" هذَا" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَطْفٌ عَلَى الَّذِينَ، وَ" النَّبِيُّ" نَعْتٌ لِهَذَا أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ، وَلَوْ نُصِبَ لَكَانَ جَائِزًا فِي الْكَلَامِ عَطْفًا عَلَى الْهَاءِ فِي" اتَّبَعُوهُ". وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ نَاصِرُهُمْ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:


(١). الأورق: الذي لونه بين السواد والغبرة.
(٢). راجع ج ٢ ص ١٣٩.
(٣). راجع ج ٢ ص ١٣٤.
(٤). راجع ج ١٧ ص ١٨٥.