جَزَاؤُهُ، أَيْ جَزَاءُ تَكْذِيبهمْ بِالْكِتَابِ. قَالَ قَتَادَةُ:" تَأْوِيلَهُ" عَاقِبَتُهُ. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) أَيْ تَبْدُو عَوَاقِبُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَ" يَوْمَ" مَنْصُوبٌ بِ" يَقُولُ"، أَيْ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلِ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ. (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ) اسْتِفْهَامٌ فِيهِ مَعْنَى التَّمَنِّي. (فَيَشْفَعُوا) نُصِبَ لِأَنَّهُ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ. (لَنا أَوْ نُرَدُّ) قَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى أَوْ هَلْ نُرَدُّ. (فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) قَالَ الزَّجَّاجُ: نُرَدُّ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى، أَيْ هَلْ يَشْفَعُ لَنَا أَحَدٌ أَوْ نرد. وقرا ابن إسحاق" أنرد فَنَعْمَلَ" بِالنَّصْبِ فِيهِمَا. وَالْمَعْنَى إِلَّا أَنْ نُرَدَّ، كَمَا قَالَ «١»:
فَقُلْتُ لَهُ لَا تَبْكِ عَيْنُكَ إِنَّمَا ... نُحَاوِلُ مُلْكًا أَوْ نَمُوتُ فَنُعْذَرَا
وَقَرَأَ الْحَسَنُ" أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلُ" بِرَفْعِهِمَا جَمِيعًا. (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أَيْ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَا، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ فَقَدْ خَسِرَهَا. وَقِيلَ: خَسِرُوا النِّعَمَ وَحَظَّ أَنْفُسِهِمْ مِنْهَا. (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ) أَيْ بَطَلَ مَا كَانُوا يَقُولُونَ مِنْ أَنَّ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ.
[[سورة الأعراف (٧): آية ٥٤]]
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٥٤)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) بَيَّنَ أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِقُدْرَةِ الْإِيجَادِ، فَهُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعْبَدَ وَأَصْلُ" سِتَّةِ" سِدْسَةٌ، فَأَرَادُوا إِدْغَامَ الدَّالِ فِي السِّينِ فَالْتَقَيَا عِنْدَ مَخْرَجِ التَّاءِ فَغَلَبَتْ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: أُبْدِلَ مِنْ إِحْدَى السِّينَيْنِ تَاءٌ وَأُدْغِمَ فِي الدَّالِ، لِأَنَّكَ تَقُولُ فِي تَصْغِيرِهَا: سُدَيْسَةٌ، وَفِي الْجَمْعِ أَسْدَاسٌ، وَالْجَمْعُ وَالتَّصْغِيرُ يَرُدَّانِ الْأَسْمَاءَ إِلَى أُصُولِهَا. وَيَقُولُونَ: جَاءَ فُلَانٌ سَادِسًا وَسَادِتًا وساتا، فمن قال:
(١). هو امرؤ القيس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute