للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحِيداً

»

" وَقَوْلُهُ:" ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا «٢» ". وَهُوَ الظَّاهِرُ من الآية، لقول تَعَالَى: سَيُجْزَوْنَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ ١٨٠. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٨١]]

وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١)

فِي الْخَبَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (هُمْ هَذِهِ الْأُمَّةُ). وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: (هَذِهِ لَكُمْ وَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ قَوْمَ مُوسَى مِثْلَهَا) وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ:" إِنَّ مِنْ أُمَّتِي قَوْمًا عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَنْزِلَ عيسى ابن مَرْيَمَ". فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُخَلِّي الدُّنْيَا فِي وَقْتٍ مِنَ الأوقات من داع يدعو إلى الحق.

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٨٢]]

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٢)

أَخْبَرَ تَعَالَى عَمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أَنَّهُ سَيَسْتَدْرِجُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ. وَالِاسْتِدْرَاجُ هُوَ الْأَخْذُ بِالتَّدْرِيجِ، مَنْزِلَةً بَعْدَ مَنْزِلَةٍ. وَالدَّرَجُ: لَفُّ الشَّيْءِ، يُقَالُ: أَدْرَجْتُهُ وَدَرَّجْتُهُ. وَمِنْهُ أُدْرِجَ الْمَيِّتُ فِي أَكْفَانِهِ. وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الدَّرَجَةِ، فَالِاسْتِدْرَاجُ أَنْ يَحُطَّ دَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ إِلَى الْمَقْصُودِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: كُلَّمَا جَدَّدُوا لَنَا مَعْصِيَةً جَدَّدْنَا لَهُمْ نِعْمَةً. وَقِيلَ لِذِي النُّونِ: ما أقصى ما يخدع به العبد؟ قَالَ: بِالْأَلْطَافِ وَالْكَرَامَاتِ، لِذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:" سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ" نُسْبِغُ عَلَيْهِمُ النِّعَمَ وَنُنْسِيهِمُ الشُّكْرَ، وَأَنْشَدُوا:

أَحْسَنْتَ ظَنَّكَ بِالْأَيَّامِ إِذْ حَسُنَتْ ... وَلَمْ تَخَفْ سُوءَ مَا يَأْتِي بِهِ الْقَدَرُ

وَسَالَمَتْكَ اللَّيَالِي فَاغْتَرَرْتَ بِهَا ... وَعِنْدَ صفو الليالي يحدث الكدر

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٨٣]]

وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأُمْلِي لَهُمْ) أَيْ أُطِيلُ لَهُمُ الْمُدَّةَ وَأُمْهِلُهُمْ وَأُؤَخِّرُ عُقُوبَتَهُمْ. (إِنَّ كَيْدِي) أَيْ مَكْرِي. (مَتِينٌ) أَيْ شَدِيدٌ قَوِيٌّ. وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَتْنِ، وَهُوَ اللحم الغليظ الذي عن جانب


(١). راجع ج ١٩ ص ٦٩.
(٢). راجع ج ١٠ ص ٢. [ ..... ]