للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ" وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ إِذَا قَامَ لِلصَّلَاةِ: أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَاسْتَوُوا إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ هَدْيَ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ رَبِّهَا وَيَقْرَأُ:" وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ" تَأَخَّرْ يَا فُلَانُ تَقَدَّمْ يَا فُلَانُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُكَبِّرُ. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ [الْحِجْرِ «١»] بَيَانُهُ. وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ مُتَبَدِّدِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ" فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصْطَفُّوا. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ. جَاءَ جِبْرِيلُ أَوْ مَلَكٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ، إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتُصَلِّي وَتُسَبِّحُ مَا فِي السَّمَاءِ مَلَكٌ فَارِغٌ. وَقِيلَ: أَيْ لَنَحْنُ الصَّافُّونَ أَجْنِحَتَنَا فِي الْهَوَاءِ وُقُوفًا نَنْتَظِرُ مَا نُؤْمَرُ بِهِ. وَقِيلَ: أَيْ نَحْنُ الصَّافُّونَ حَوْلَ الْعَرْشِ." وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ" أي المصلون، قال قتاد ة: وَقِيلَ: أَيِ الْمُنَزِّهُونَ اللَّهَ عَمَّا أَضَافَهُ إِلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يُخْبِرُونَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ بِالتَّسْبِيحِ وَالصَّلَاةِ وَلَيْسُوا مَعْبُودِينَ وَلَا بَنَاتِ اللَّهِ. وَقِيلَ:" وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ" مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين المشركين، أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ فِي الْآخِرَةِ مَقَامٌ مَعْلُومٌ وَهُوَ مَقَامُ الْحِسَابِ. وَقِيلَ: أَيْ مِنَّا مَنْ لَهُ مَقَامُ الْخَوْفِ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ مَقَامُ الرَّجَاءِ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ مَقَامُ الإخلاص، ومنا من قه مَقَامُ الشُّكْرِ. إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْمَقَامَاتِ. قُلْتُ: والأضهر أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ" وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ" وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[سورة الصافات (٣٧): الآيات ١٦٧ الى ١٧٠]

وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)

عَادَ إِلَى الْإِخْبَارِ عَنْ قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ، أَيْ كَانُوا قَبْلِ بَعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عُيِّرُوا بِالْجَهْلِ قَالُوا:" لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ" أَيْ لَوْ بُعِثَ إِلَيْنَا نَبِيٌّ بِبَيَانِ الشَّرَائِعِ لَاتَّبَعْنَاهُ. وَلَمَّا خُفِّفَتْ" إِنْ" دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ وَلَزِمَتْهَا اللَّامُ فَرْقًا بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِيجَابِ. وَالْكُوفِيُّونَ


(١). راجع ج ١٠ ص ١٩ وما تعدها طبعه أولى أو ثانية.