للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْفِعْلِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ «١»). وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: صَلَّيْتُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. وَتَصَلَّيْتُ: اسْتَدْفَأْتُ بِالنَّارِ. قَالَ:

وَقَدْ تَصَلَّيْتُ حَرَّ حَرْبِهِمْ ... كَمَا تَصَلَّى الْمَقْرُورُ مِنْ قَرَسِ «٢»

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ صَلِيَ النَّارَ يَصْلَاهَا صَلًى وَصِلَاءً. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (لَا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى «٣»). وَالصِّلَاءُ هُوَ التَّسَخُّنُ بِقُرْبِ النَّارِ أَوْ مُبَاشَرَتُهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَادَ:

لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا عَلِمَ الله ... وَإِنِّي لِحَرِّهَا الْيَوْمَ صَالِ

وَالسَّعِيرُ: الْجَمْرُ الْمُشْتَعِلُ «٤». الثَّالِثَةُ- وَهَذِهِ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ الْوَعِيدِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِمَنْ يُكَفِّرُ بِالذُّنُوبِ. وَالَّذِي يَعْتَقِدُهُ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّ ذَلِكَ نَافِذٌ عَلَى بَعْضِ الْعُصَاةِ فَيَصْلَى ثُمَّ يَحْتَرِقُ وَيَمُوتُ، بِخِلَافِ أَهْلِ النَّارِ لَا يَمُوتُونَ وَلَا يَحْيَوْنَ، فَكَأَنَّ هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لِئَلَّا يَقَعَ الْخَبَرُ فِيهِمَا عَلَى خِلَافِ مَخْبَرِهِ، سَاقِطٌ بِالْمَشِيئَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ «٥»). وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى. رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَّا أَهْلُ النار الذين هم أهلها فيها فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ- أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ- فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أذن بالشفاعة فجئ بِهِمْ ضَبَائِرَ «٦» ضَبَائِرَ فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ثُمَّ قِيلَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فينبتون كما تنبت الحبة «٧» فِي حَمِيلِ «٨» السَّيْلِ (. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ [يَرْعَى «٩» [بالبادية.

[سورة النساء (٤): الآيات ١١ الى ١٤]

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا مَا تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١١) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤)


(١). راجع ج ١٨ ص ٢٧٢.
(٢). القرص: شدة البرد، والمقرود: الذي أصيب أطرافه بشدة البرد حتى لا يستطيع عملا.
(٣). راجع ج ٢٠ ص ٨٦.
(٤). في ج: المستعر.
(٥). راجع ص ٢٤٥ من هذا الجزء.
(٦). الضبائر: الجماعات في تفرقة.
(٧). الحبة (بالكسر): واحدة الحبو وهو بزر ما لا يقتات كبزر الرياحين.
(٨). حميل السيل: ما يحمل من الغثاء والطين.
(٩). في ب وج وهـ وط وز وى.