للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِمَعْرِفَتِهِمْ بِقَدْرِ ثَوَابِهِمْ. وَقِيلَ: يُبَادِرُونَ «١» بِالْعَمَلِ قَبْلَ الْفَوْتِ. (وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) أَيْ مَعَ الصَّالِحِينَ، وَهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ. (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) قَرَأَ الْأَعْمَشُ وَابْنُ وَثَّابٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَخَلَفٌ بِالْيَاءِ فِيهِمَا، إِخْبَارًا عَنِ الْأُمَّةِ الْقَائِمَةِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ فِيهِمَا عَلَى الْخِطَابِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" [آل عمران: ١١٠]. وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي حَاتِمٍ، وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو يَرَى الْقِرَاءَتَيْنِ جَمِيعًا الْيَاءَ وَالتَّاءَ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: وما تفعلوا من خير فإن تُجْحَدُوا ثَوَابَهُ بَلْ يُشْكَرُ لَكُمْ وَتُجَازَوْنَ عَلَيْهِ.

[[سورة آل عمران (٣): آية ١١٦]]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) اسْمُ إِنَّ، وَالْخَبَرُ (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً). قَالَ مُقَاتِلٌ: لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ ذَكَرَ كُفَّارَهُمْ وَهُوَ قَوْلُهُ:" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا". وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: جَعَلَ هَذَا ابْتِدَاءً فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ كَثْرَةُ أَمْوَالِهِمْ وَلَا كَثْرَةُ أَوْلَادِهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْئًا. وَخَصَّ الْأَوْلَادَ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ أَنْسَابِهِمْ إِلَيْهِمْ. (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، وَكَذَا وَ (هُمْ فِيها خالِدُونَ). وَقَدْ تَقَدَّمَ جَمِيعُ هَذَا.

[[سورة آل عمران (٣): آية ١١٧]]

مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧)

قوله تعالى: َثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ)

" تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، وَتَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، أَيْ مَثَلُ مَا ينفقونه. ومعنى"مَثَلِ رِيحٍ

" كَمَثَلِ مَهَبِّ «٢» رِيحٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالصِّرُّ الْبَرْدُ الشَّدِيدُ. قِيلَ: أَصْلُهُ مِنَ الصَّرِيرِ


(١). في ب: مبادرين. [ ..... ]
(٢). في ب ود وهـ: مهلك ريح.