للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قِسْمَةٌ ضِيزى) أَيْ جَائِرَةٌ، وَهِيَ فُعْلَى مِثْلُ طُوبَى وَحُبْلَى، وَإِنَّمَا كَسَرُوا الضَّادَ لِتَسْلَمَ الْيَاءُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فِعْلَى صِفَةً، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بِنَاءِ الْأَسْمَاءِ كَالشِّعْرَى وَالدِّفْلَى. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ تَقُولُ ضُوزَى وضيزى بِالْهَمْزِ. وَحَكَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ الْعَرَبَ تَهْمِزُ (ضِيزى). قَالَ غَيْرُهُ: وَبِهَا قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، جَعَلَهُ مَصْدَرًا مِثْلَ ذِكْرَى وَلَيْسَ بِصِفَةٍ، إِذْ لَيْسَ فِي الصِّفَاتِ فِعْلَى وَلَا يَكُونُ أَصْلُهَا فُعْلَى، إِذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يُوجِبُ الْقَلْبَ، وَهِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ ضَأَزْتُهُ أَيْ ظَلَمْتُهُ. فَالْمَعْنَى قِسْمَةٌ ذَاتُ ظُلْمٍ. وَقَدْ قِيلَ هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى. وَحُكِيَ فِيهَا أَيْضًا سِوَاهُمَا ضَيْزَى وَضَأْزَى وَضُوزَى وَضُؤْزَى. وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: كَرِهُوا ضَمَّ الضَّادِ فِي ضِيزَى، وَخَافُوا انْقِلَابَ الْيَاءِ وَاوًا وَهِيَ مِنْ بَنَاتِ الْوَاوُ، فَكَسَرُوا الضَّادَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، كَمَا قَالُوا فِي جَمْعِ أَبْيَضَ بِيضٌ وَالْأَصْلُ بُوضٌ، مِثْلُ حُمْرٍ وَصُفْرٍ وَخُضْرٍ. فَأَمَّا مَنْ قَالَ: ضَازَ يَضُوزُ فالاسم منه ضوزى مثل شورى.

[سورة النجم (٥٣): الآيات ٢٣ الى ٢٦]

إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣) أَمْ لِلْإِنْسانِ مَا تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها) أَيْ مَا هِيَ يَعْنِي هَذِهِ الْأَوْثَانَ (إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها) يَعْنِي نَحَتُّمُوهَا وَسَمَّيْتُمُوهَا آلِهَةً. (أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) أَيْ قَلَّدْتُمُوهُمْ فِي ذَلِكَ. (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) أَيْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ حُجَّةٍ وَلَا بُرْهَانٍ. (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) عَادَ مِنَ الْخِطَابِ إلى الخبر أي ما يتبع هؤلاء إلى الظَّنَّ. (وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) أَيْ تَمِيلُ إِلَيْهِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ (يَتَّبِعُونَ) بِالْيَاءِ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عمرو أيوب وابن السميقع