قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ) قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِالنُّونِ فِيهِمَا، والباقون بالياء.
[[سورة التغابن (٦٤): آية ١٠]]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) يَعْنِي الْقُرْآنَ (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) لَمَّا ذَكَرَ مَا لِلْمُؤْمِنِينَ ذَكَرَ مَا لِلْكَافِرِينَ كَمَا تَقَدَّمَ في غير موضع.
[[سورة التغابن (٦٤): آية ١١]]
مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) أَيْ بِإِرَادَتِهِ وَقَضَائِهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ إِلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ. وَقِيلَ: إِلَّا بِعِلْمِ اللَّهِ. وَقِيلَ: سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا: لَوْ كَانَ مَا عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ حَقًّا لَصَانَهُمُ اللَّهُ عَنِ الْمَصَائِبِ فِي الدُّنْيَا، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، يَقْتَضِي هَمًّا أَوْ يُوجِبُ عِقَابًا عَاجِلًا أَوْ آجِلًا فَبِعِلْمِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ) أَيْ يُصَدِّقُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ. (يَهْدِ قَلْبَهُ) لِلصَّبْرِ وَالرِّضَا. وَقِيلَ: يُثَبِّتُهُ عَلَى الْإِيمَانِ. وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْجِيزِيُّ: مَنْ صَحَّ إِيمَانُهُ يَهْدِ اللَّهُ قَلْبَهُ لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ. وَقِيلَ: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ فيقول: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ [البقرة: ١٥٦]، قَالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ الْيَقِينَ لِيَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ إِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ، وَإِذَا أُنْعِمَ عَلَيْهِ شَكَرَ، وَإِذَا ظُلِمَ غَفَرَ. وَقِيلَ: يَهْدِ قَلْبَهُ إِلَى نَيْلِ الثَّوَابِ فِي الْجَنَّةِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ يَهْدِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِّ، لِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوَّلًا. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَقَتَادَةُ (يُهْدَ قَلْبُهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ وَرَفْعِ الْبَاءِ، لِأَنَّهُ اسْمُ فِعْلٍ لَمْ يُسَمَّ فاعله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute