للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى:" اسْتَغْفِرْ لَهُمْ" يَأْتِي بَيَانُهُ عِنْدَ قوله تعالى: (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً).

[[سورة التوبة (٩): آية ٨١]]

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ) أَيْ بِقُعُودِهِمْ. قَعَدَ قُعُودًا وَمَقْعَدًا، أَيْ جَلَسَ. وَأَقْعَدَهُ غَيْرُهُ، عَنِ الْجَوْهَرِيِّ. وَالْمُخَلَّفُ الْمَتْرُوكُ، أَيْ خَلَّفَهُمُ اللَّهُ وَثَبَّطَهُمْ، أَوْ خَلَّفَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ لَمَّا عَلِمُوا تَثَاقُلَهُمْ عَنِ الْجِهَادِ، قَوْلَانِ، وَكَانَ هَذَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ. (خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ) مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ مَصْدَرًا. وَالْخِلَافُ الْمُخَالَفَةُ. وَمَنْ قَرَأَ" خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ" أَرَادَ التَّأَخُّرَ عَنِ الْجِهَادِ. (وَقالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ) أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ذَلِكَ. (قُلْ نارُ جَهَنَّمَ) أي قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ نَارُ جَهَنَّمَ. (أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ." حَرًّا" نُصِبَ عَلَى الْبَيَانِ، أَيْ مَنْ تَرَكَ أَمْرَ الله تعرض لتلك النار.

[[سورة التوبة (٩): آية ٨٢]]

فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢)

فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا" أَمْرٌ، مَعْنَاهُ مَعْنَى التَّهْدِيدِ وَلَيْسَ أَمْرًا بِالضَّحِكِ. وَالْأَصْلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ مَكْسُورَةً فَحُذِفَتِ الْكَسْرَةُ لِثِقَلِهَا. قَالَ الْحَسَنُ:" فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا" فِي الدُّنْيَا" وَلْيَبْكُوا كَثِيراً" فِي جَهَنَّمَ. وَقِيلَ: هُوَ أَمْرٌ بِمَعْنَى الْخَبَرِ. أَيْ إِنَّهُمْ سَيَضْحَكُونَ قَلِيلًا وَيَبْكُونَ كَثِيرًا." جَزاءً" مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، أَيْ للجزاء.