عند تلاوته، قال الكيا: وفي هذه [الآية «١»]: دَلَالَةٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الَّذِي كَانَ يُتْلَى عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُخْتَصًّا بِإِنْزَالِهِ إِلَيْهِ. الثَّالِثَةُ- احْتَجَّ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وُجُوبِ سُجُودِ الْقُرْآنِ عَلَى الْمُسْتَمِعِ وَالْقَارِئِ. قَالَ إِلْكِيَا: وَهَذَا بَعِيدٌ فَإِنَّ هَذَا الْوَصْفَ شَامِلٌ لِكُلِّ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. وَضَمَّ السُّجُودَ إِلَى الْبُكَاءِ، وَأَبَانَ بِهِ عَنْ طَرِيقَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهُمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي تَعْظِيمِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَآيَاتِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ عِنْدَ آيَةٍ مَخْصُوصَةٍ. الرَّابِعَةُ- قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَنْبَغِي لِمَنْ قَرَأَ سَجْدَةً أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا بِمَا يَلِيقُ بِآيَاتِهَا، فَإِنْ قَرَأَ سُورَةَ السَّجْدَةِ" الم تَنْزِيلُ" قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ السَّاجِدِينَ لِوَجْهِكَ، الْمُسَبِّحِينَ بِحَمْدِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنْ أَمْرِكَ. وَإِنْ قَرَأَ سَجْدَةَ" سُبْحَانَ ١٠" قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْبَاكِينَ إِلَيْكَ، الْخَاشِعِينَ لَكَ. وَإِنْ قَرَأَ هَذِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ، الْمَهْدِيِّينَ السَّاجِدِينَ لَكَ، الْبَاكِينَ عِنْدَ تِلَاوَةِ آياتك.
[سورة مريم (١٩): الآيات ٥٩ الى ٦٣]
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣)
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) أَيْ أَوْلَادُ سُوءٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ذَلِكَ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَذَهَابِ صَالِحِي هذه الامة
(١). من ك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute