شَدَّادِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ- يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ-: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ يُوشِكُ أَنْ يُنْزَعَ مِنْكُمْ. قَالَ: قُلْتُ كَيْفَ يُنْزَعُ مِنَّا وَقَدْ أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِنَا وَثَبَّتْنَاهُ فِي مَصَاحِفِنَا! قَالَ: يُسْرَى عَلَيْهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُنْزَعُ مَا فِي الْقُلُوبِ وَيَذْهَبُ مَا فِي الْمَصَاحِفِ وَيُصْبِحُ النَّاسُ مِنْهُ فُقَرَاءَ. ثُمَّ قَرَأَ" لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ" وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَرْجِعُ الْقُرْآنُ مِنْ حَيْثُ نَزَلَ، لَهُ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَيَقُولُ اللَّهُ مَا بَالُكَ. فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مِنْكَ خَرَجْتُ وَإِلَيْكَ أَعُودُ، أُتْلَى فَلَا يُعْمَلُ بِي، أُتْلَى وَلَا يُعْمَلُ بِي. قُلْتُ: قَدْ جَاءَ مَعْنَى هَذَا مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَحُذَيْفَةَ. قَالَ حُذَيْفَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ فَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى مِنْهُ فِي الْأَرْضِ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ". قَالَ لَهُ صِلَةُ «١»: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّدَهَا ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ حُذَيْفَةُ فَقَالَ: يَا صِلَةُ! تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ، ثَلَاثًا. خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَعْصُوبُ الرَّأْسِ مِنْ وَجَعٍ فَضَحِكَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:" أَيُّهَا النَّاسُ مَا هَذِهِ الْكُتُبُ الَّتِي تَكْتُبُونَ أَكِتَابٌ غَيْرَ كِتَابِ اللَّهِ يُوشِكُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِكِتَابِهِ فَلَا يَدَعُ وَرَقًا وَلَا قَلْبًا إِلَّا أُخِذَ مِنْهُ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَوْمئِذٍ؟ قَالَ:" مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا أَبْقَى فِي قَلْبِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَالْغَزْنَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا في التفسير.
[[سورة الإسراء (١٧): آية ٨٨]]
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨)
(١). هو صلة بن زفر العبسي، أحد رجال سند الحديث.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute