قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَصْدَرٍ مِنَ الْمُضَاعَفِ عَلَى فِعْلَالٍ يَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ، نَحْوُ قَلْقَلْتُهُ قِلْقَالًا وَقَلْقَالًا، وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا وَزَلْزَالًا. وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ، لِأَنَّ غَيْرَ الْمُضَاعَفِ عَلَى الْكَسْرِ نَحْوَ دَحْرَجْتُهُ دِحْرَاجًا. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِكَسْرِ الزَّايِ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَالْجَحْدَرِيُّ" زَلْزَالًا" بِفَتْحِ الزَّايِ. قَالَ ابْنُ سَلَامٍ: أَيْ حُرِّكُوا بِالْخَوْفِ تَحْرِيكًا شَدِيدًا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ إِزَاحَتُهُمْ عَنْ أَمَاكِنِهِمْ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِلَّا مَوْضِعُ الْخَنْدَقِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ اضْطِرَابُهُمْ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنِ اضْطَرَبَ فِي نَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مَنِ اضْطَرَبَ فِي دِينِهِ. وَ" هُنالِكَ" يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ" ابْتُلِيَ" فَلَا يُوقَفُ عَلَى" هُنالِكَ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا" فيوقف على" هُنالِكَ".
[[سورة الأحزاب (٣٣): آية ١٢]]
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أَيْ شَكٌّ وَنِفَاقٌ. (مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) أَيْ بَاطِلًا مِنَ الْقَوْلِ. وذلك أن طعمة بن أبيرق ومعتب ابن قشير وجماعة نحو مِنْ سَبْعِينَ رَجُلًا قَالُوا يَوْمَ الْخَنْدَقِ: كَيْفَ يَعِدُنَا كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَبَرَّزَ؟ وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لَمَّا فَشَا فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ ضَرْبِ الصَّخْرَةِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ النَّسَائِيِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هذه الآية.
[[سورة الأحزاب (٣٣): آية ١٣]]
وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا) الطَّائِفَةُ تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ فَمَا فَوْقَهُ. وَعُنِيَ بِهِ هُنَا أَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ وَالِدُ عَرَابَةَ بْنِ أَوْسٍ، الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الشَّمَّاخُ:
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute