للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى بَنِي آدَمَ، لِأَنَّ الْحَفَظَةَ تَرْفَعُ إِلَى الْخَزَنَةِ صَحَائِفَ الْأَعْمَالِ. وَقِيلَ: تَحْمِلُ الْحَفَظَةُ كُلَّ يَوْمٍ مَا كَتَبُوا عَلَى الْعَبْدِ، ثُمَّ إِذَا عَادُوا إِلَى مَكَانِهِمْ نُسِخَ مِنْهُ الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ «١»، وَلَا تُحَوَّلُ الْمُبَاحَاتُ إِلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ إِذَا رَفَعَتْ أَعْمَالَ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِأَنْ يُثْبَتَ عِنْدَهُ مِنْهَا مَا فِيهِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ، وَيَسْقُطُ مِنْ جُمْلَتِهَا مَا لَا ثَوَابَ فِيهِ وَلَا عِقَابَ.

[سورة الجاثية (٤٥): الآيات ٣٠ الى ٣١]

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ" أَيِ الْجَنَّةَ" ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ" أَيْ فَيُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ. وَهُوَ اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ." فَاسْتَكْبَرْتُمْ" عَنْ قَبُولِهَا." وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ" أَيْ مُشْرِكِينَ تَكْسِبُونَ الْمَعَاصِي. يُقَالُ: فُلَانٌ جَرِيمَةُ أَهْلِهِ إِذَا كَانَ كَاسِبُهُمْ، فَالْمُجْرِمُ مَنْ أَكْسَبَ نَفْسَهُ الْمَعَاصِي. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ" «٢» [القلم: ٣٥] فَالْمُجْرِمُ ضِدُّ الْمُسْلِمِ فَهُوَ الْمُذْنِبُ بِالْكُفْرِ إِذًا.

[[سورة الجاثية (٤٥): آية ٣٢]]

وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ" أَيِ الْبَعْثُ كَائِنٌ." وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيها" وَقَرَأَ حَمْزَةُ" وَالسَّاعَةَ" بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى" وَعْدَ". الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، أَوِ العطف


(١). كلمة: السيئات ساقطة من ل.
(٢). آية ٣٥ سورة القلم. [ ..... ]