للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة النجم (٥٣): الآيات ١ الى ١٠]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) مَا ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (٤)

عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى (٧) ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩)

فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحى (١٠)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: مَعْنَى (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) وَالثُّرَيَّا إِذَا سَقَطَتْ مَعَ الْفَجْرِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الثُّرَيَّا نَجْمًا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعَدَدِ نُجُومًا، يُقَالُ: إِنَّهَا سَبْعَةُ أَنْجُمٍ، سِتَّةٌ مِنْهَا ظَاهِرَةٌ وَوَاحِدٌ «١» خَفِيٌّ يَمْتَحِنُ النَّاسُ بِهِ أَبْصَارَهُمْ. وَفِي (الشِّفَا) لِلْقَاضِي عِيَاضٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرَى فِي الثُّرَيَّا أَحَدَ عَشَرَ نَجْمًا. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا أَنَّ الْمَعْنَى وَالْقُرْآنِ إِذَا نُزِّلَ، لِأَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ نُجُومًا. وَقَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَعَنْهُ أَيْضًا: يَعْنِي نُجُومَ السَّمَاءِ كُلَّهَا حِينَ تَغْرُبُ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ قَالَ: أَقْسَمَ اللَّهُ بِالنُّجُومِ إِذَا غَابَتْ. وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْهَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَمَعْنَاهُ جَمْعٌ، كَقَوْلِ الرَّاعِي:

فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ فِي مُسْتَحِيرَةٍ ... سَرِيعٌ بِأَيْدِي الْآكِلِينَ جُمُودُهَا

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ:

أَحْسَنُ النَّجْمِ فِي السَّمَاءِ الثُّرَيَّا ... وَالثُّرَيَّا فِي الْأَرْضِ زَيْنُ النِّسَاءِ

وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا: الْمُرَادُ بِالنَّجْمِ النُّجُومُ إِذَا سَقَطَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ النَّجْمَ هَاهُنَا الزُّهْرَةُ لِأَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ النُّجُومُ الَّتِي تُرْجَمُ بِهَا الشَّيَاطِينُ، وَسَبَبُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ بَعْثَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا كَثُرَ انْقِضَاضُ الْكَوَاكِبِ قَبْلَ مَوْلِدِهِ، فَذُعِرَ أَكْثَرُ الْعَرَبِ مِنْهَا وَفَزِعُوا إِلَى كَاهِنٍ كَانَ لَهُمْ ضَرِيرًا، كَانَ يُخْبِرُهُمْ بِالْحَوَادِثِ فَسَأَلُوهُ عَنْهَا فَقَالَ: انْظُرُوا البروج الاثني عشر فإن انقض


(١). في ز، ل: (وواحد منها) بزيادة كلمة: (منها).