للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) أي هو مثل جميع الكفار. وقوله:" ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ" يُقَالُ: سَاءَ الشَّيْءُ قَبُحَ، فَهُوَ لَازِمٌ، وَسَاءَ يَسُوءُ مَسَاءَةً، فَهُوَ مُتَعَدٍّ، أَيْ قَبُحَ مَثَلُهُمْ. وَتَقْدِيرُهُ: سَاءَ مَثَلًا مَثَلُ الْقَوْمِ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ، وَنُصِبَ" مَثَلًا" عَلَى التَّمْيِيزِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: فَجُعِلَ الْمَثَلُ الْقَوْمَ مَجَازًا. وَالْقَوْمُ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ. التَّقْدِيرُ: سَاءَ الْمَثَلُ مَثَلًا هُوَ مَثَلُ الْقَوْمِ. وَقَدَّرَهُ أَبُو عَلِيٍّ: سَاءَ مَثَلًا مَثَلُ الْقَوْمِ. وَقَرَأَ عاصم الجحدري والأعمش" ساء مثل القوم" رفع مثلا بساء.

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٧٨]]

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٧٨)

تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي غَيْرِ هذه مَوْضِعٍ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَرُدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ كَمَا سَبَقَ، وَتَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَدَى جَمِيعَ الْمُكَلَّفِينَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يضل أحدا.

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٧٩]]

وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٧٩)

أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا بِعَدْلِهِ. ثُمَّ وَصَفَهُمْ فَقَالَ:" لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِها" بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَفْقَهُ، لِأَنَّهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهَا، وَلَا يَعْقِلُونَ ثَوَابًا وَلَا يَخَافُونَ عقابا. (أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ) بها الهدى. (وَلَهُمْ آذانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِها) الْمَوَاعِظَ. وَلَيْسَ الْغَرَضُ نَفْيَ الْإِدْرَاكَاتِ عَنْ حَوَاسِّهِمْ جُمْلَةً. كَمَا بَيَّنَاهُ فِي (الْبَقَرَةِ «١»). (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) لِأَنَّهُمْ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى ثَوَابٍ، فَهُمْ كَالْأَنْعَامِ، أَيْ هِمَّتُهُمُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ، وَهُمْ أَضَلُّ لِأَنَّ الْأَنْعَامَ تبصر منافعها


(١). راجع ج ١ ص ٢١٤.