للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سورة العنكبوت (٢٩): الآيات ١٦ الى ١٩]

وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (١٩)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِبْراهِيمَ) قَالَ الْكِسَائِيُّ:" وَإِبْراهِيمَ" مَنْصُوبٌ بِ (أَنْجَيْنَا) يَعْنِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْهَاءِ. وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى نُوحٍ وَالْمَعْنَى وَأَرْسَلْنَا إِبْرَاهِيمَ. وَقَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِمَعْنَى وَاذْكُرْ إِبْرَاهِيمَ. (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ) أَيْ أَفْرِدُوهُ بِالْعِبَادَةِ. (وَاتَّقُوهُ) أَيِ اتَّقُوا عِقَابَةَ وَعَذَابَهُ. (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) أَيْ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ). قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً) أَيْ أَصْنَامًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الصَّنَمُ مَا يُتَّخَذُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ نُحَاسِ، وَالْوَثَنُ مَا يُتَّخَذُ مِنْ جِصٍّ أَوْ حِجَارَةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الْوَثَنُ الصَّنَمُ وَالْجَمْعُ وُثْنٌ وَأَوْثَانٌ مِثْلُ أُسْدِ وَآسَادٍ. (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) قَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَى" تَخْلُقُونَ" تَنْحِتُونَ، فَالْمَعْنَى إِنَّمَا تَعْبُدُونَ أَوْثَانًا وَأَنْتُمْ تَصْنَعُونَهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْإِفْكُ الْكَذِبُ، وَالْمَعْنَى تَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ وَتَخْلُقُونَ الْكَذِبَ. وَقَرَأَ أبو عبد الرحمن:" وتخلقون". وقرى" تُخَلِّقُونَ" بِمَعْنَى التَّكْثِيرِ مِنْ خَلَّقَ وَ" تَخَلَّقُونَ" من تخلق بمعنى تكذب وتخرص. وقرى" أَفِكًا" وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا نَحْوَ كَذِبِ وَلَعِبِ وَالْإِفْكُ مُخَفَّفًا مِنْهُ كَالْكَذِبِ وَاللَّعِبِ. وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً عَلَى فِعْلٍ أَيْ خَلْقًا أَفِكًا أَيْ ذَا إِفْكٍ وَبَاطِلٍ. وَ" أَوْثاناً" نُصِبَ بِ" تَعْبُدُونَ" وَ" مَا" كَافَّةٌ. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ رَفْعُ أَوْثَانٍ عَلَى أَنْ تُجْعَلَ" مَا" اسْمًا لِأَنَّ" تَعْبُدُونَ" صِلَتُهُ، وَحُذِفَتِ الهاء لطول الاسم وجعل أوثان خَبَرَ إِنَّ. فَأَمَّا" وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً" فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِالْفِعْلِ لَا غَيْرُ. وَكَذَا (لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ