للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة النحل (١٦): آية ١٧]]

أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٧)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَفَمَنْ يَخْلُقُ" هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. (كَمَنْ لَا يَخْلُقُ) يُرِيدُ الْأَصْنَامَ. (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أَخْبَرَ عَنِ الْأَوْثَانِ الَّتِي لَا تَخْلُقُ وَلَا تضر ولا تنفع، كما يخبر عمن يعمل عَلَى مَا تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا فَذُكِرَتْ بِلَفْظِ" مَنْ" كَقَوْلِهِ:" أَلَهُمْ أَرْجُلٌ «١» ". وَقِيلَ: لِاقْتِرَانِ الضَّمِيرِ فِي الذِّكْرِ بِالْخَالِقِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ كَقَوْلِ الْعَرَبِ: اشْتَبَهَ عَلَيَّ الرَّاكِبُ وَجَمَلُهُ فَلَا أَدْرِي مَنْ ذَا وَمَنْ ذَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرُ إِنْسَانٍ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَيُسْأَلُ بِ" مَنْ" عَنِ الْبَارِئِ تَعَالَى وَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ بِ" مَا"، لِأَنَّ" مَا" إِنَّمَا يُسْأَلُ بِهَا عَنِ الْأَجْنَاسِ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ بِذِي جِنْسٍ، وَلِذَلِكَ أَجَابَ مُوسَى عَلَيْهِ السلام حين قال له:" فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى «٢» " وَلَمْ يُجِبْ حِينَ قَالَ لَهُ:" وَما رَبُّ الْعالَمِينَ «٣» " إِلَّا بِجَوَابِ" مَنْ" وَأَضْرَبَ عَنْ جَوَابِ" مَا" حِينَ كَانَ السُّؤَالُ فَاسِدًا. وَمَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى خَلْقِ الْأَشْيَاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ الذِّكْرِ كَانَ بِالْعِبَادَةِ أَحَقُّ مِمَّنْ هُوَ مَخْلُوقٌ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ،" هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ «٤» "" أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ «٥» ".

[سورة النحل (١٦): الآيات ١٨ الى ١٩]

وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩)

قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها) تقدم في إبراهيم «٦». (إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) أَيْ مَا تُبْطِنُونَهُ وَمَا تظهرونه. وقد تقدم جميع هذا مستوفى.

[سورة النحل (١٦): الآيات ٢٠ الى ٢١]

وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١)


(١). راجع ج ٧ ص ٣٤٢.
(٢). راجع ج ١١ ص ٢٠٣.
(٣). راجع ج ١٣ ص ٩٨.
(٤). راجع ج ١٤ ص ٥٨ وص ٣٥٥. [ ..... ]
(٥). راجع ج ١٦ ص ١٧٩.
(٦). راجع ج ٩ ص ٣٦٧.