للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سورة الكهف (١٨): الآيات ٩٢ الى ٩٨]

ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (٩٢) حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لَا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (٩٣) قالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤) قالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (٩٥) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَارًا قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (٩٦)

فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً (٩٧) قالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨)

قَوْلُهُ تعالى: (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) وَهُمَا جَبَلَانِ مِنْ قِبَلِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ. رَوَى عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:" بَيْنَ السَّدَّيْنِ" الْجَبَلَيْنِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما) أَيْ مِنْ وَرَائِهِمَا: (قَوْماً لَا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا). وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ:" يُفْقِهُونَ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ مِنْ أَفْقَهَ إِذَا أَبَانَ أَيْ لَا يُفْقِهُونَ غَيْرَهُمْ كَلَامًا. الْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْقَافِ، أَيْ يَعْلَمُونَ. وَالْقِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَانِ، فَلَا هُمْ يفقهون من غيرهم ولا يفقهون غيرهم. قوله تعالى: (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ) أَيْ قَالَتْ لَهُ أُمَّةٌ مِنَ الْإِنْسِ صَالِحَةٍ: (إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) قَالَ الْأَخْفَشُ: مَنْ هَمَزَ" يَأْجُوجَ" فَجَعَلَ الْأَلِفَيْنِ مِنَ الْأَصْلِ يَقُولُ: يَأْجُوجَ يَفْعُولَ وَمَأْجُوجَ مَفْعُولَ كَأَنَّهُ مِنْ أَجِيجِ النَّارِ. قَالَ: وَمَنْ لَا يَهْمِزُ وَيَجْعَلُ الْأَلِفَيْنِ زَائِدَتَيْنِ يَقُولُ:" يَاجُوجَ" مِنْ يَجَجْتُ وَمَاجُوجَ مِنْ مَجَجْتَ وَهُمَا غَيْرُ مَصْرُوفَيْنِ، قَالَ رُؤْبَةُ:

لَوْ أَنَّ يَاجُوجَ وَمَاجُوجَ مَعًا ... وَعَادَ عَادٌ وَاسْتَجَاشُوا تُبَّعَا