للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقْتُ قَبُولِهَا:" آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [يونس: ٩٠] عَلَى مَوْضِعٍ رَفِيعٍ. وَالْآخَرُ- فَالْيَوْمَ نَعْزِلُكَ عَنْ غَامِضِ الْبَحْرِ بِنِدَائِكَ لَمَّا قُلْتَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، فَكَانَتْ تَنْجِيَتُهُ بِالْبَدَنِ مُعَاقَبَةً مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَهُ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْ كُفْرِهِ الَّذِي مِنْهُ نِدَاؤُهُ الَّذِي افْتَرَى فِيهِ وَبَهَتَ، وَادَّعَى الْقُدْرَةَ وَالْأَمْرَ الَّذِي يُعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهِ وَعَاجِزٌ عَنْهُ وَغَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: فَقِرَاءَتُنَا تَتَضَمَّنُ مَا فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ مِنَ الْمَعَانِي وَتَزِيدُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) أَيْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلِمَنْ بَقِيَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ مِمَّنْ لَمْ يُدْرِكْهُ الْغَرَقُ وَلَمْ يَنْتَهِ إِلَيْهِ هَذَا الْخَبَرُ. (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) أَيْ مُعْرِضُونَ عَنْ تَأَمُّلِ آيَاتِنَا وَالتَّفَكُّرِ فيها. وقرى" لِمَنْ خَلَفَكَ" (بِفَتْحِ اللَّامِ)، أَيْ لِمَنْ بَقِيَ بَعْدَكَ يَخْلُفُكَ فِي أَرْضِكَ. وَقَرَأَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ" لِمَنْ خَلَقَكَ" بِالْقَافِ، أَيْ تَكُونُ آية لخالقك.

[[سورة يونس (١٠): آية ٩٣]]

وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٩٣)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ) أَيْ مَنْزِلَ صِدْقٍ مَحْمُودٍ مُخْتَارٍ، يَعْنِي مِصْرَ. وَقِيلَ: الْأُرْدُنَ وَفِلَسْطِينَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ مِصْرُ وَالشَّامُ. (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) أي من الثمار وغير ها. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ وَأَهْلَ عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ، ثُمَّ لَمَّا خَرَجَ حَسَدُوهُ، وَلِهَذَا قَالَ (فَمَا اخْتَلَفُوا) أَيْ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ) أَيِ الْقُرْآنُ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْعِلْمُ بِمَعْنَى الْمَعْلُومِ، لِأَنَّهُمْ كانوا يعلمونه قبل خروجه، قاله ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ. (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) أَيْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وَيَفْصِلُ. (يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) فِي الدُّنْيَا، فَيُثِيبُ الطَّائِعَ ويعاقب العاصي.