للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَرَأَتُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَلَمْ أَرَ آيَةً أَحْسَنَ وَأَرْجَى مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" قُلْ يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ «١» ". قُلْتُ: وَقَرَأَتُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَلَمْ أَرَ آيَةً أَحْسَنَ وَأَرْجَى مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ «٢» ".

[[سورة الإسراء (١٧): آية ٨٥]]

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥)

رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. فَقَالَ: مَا رَابَكُمْ «٣» إِلَيْهِ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ. فَقَالُوا: سَلُوهُ. فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِي، فَلَمَّا نَزَلَ الوحى قال:" وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا" لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. وَفِي مُسْلِمٍ: فَأَسْكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِيهِ: وَمَا أُوتُوا. وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الرُّوحِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ، أَيُّ الرُّوحِ هُوَ؟ فَقِيلَ: هُوَ جِبْرِيلُ، قَالَهُ قَتَادَةُ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَكْتُمُهُ. وَقِيلَ هُوَ عِيسَى. وَقِيلَ الْقُرْآنُ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي آخِرِ الشُّورَى «٤». وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: هُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ وَجْهٍ، فِي كُلِّ وَجْهٍ سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ، فِي كُلِّ لِسَانٍ سَبْعُونَ أَلْفَ لُغَةٍ، يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى بِكُلِّ تِلْكَ اللُّغَاتِ، يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ تَسْبِيحَةٍ مَلَكًا يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَمَا أَظُنُّ الْقَوْلَ يَصِحُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قُلْتُ: أَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بن صالح عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ


(١). راجع ج ١٥ ص ٢٦٧.
(٢). راجع ج ٧ ص ٩ ص فما بعد.
(٣). أي ما دعاكم إلى سؤال تخشون عاقبته بأن يستقبلكم بشيء تكرهونه.
(٤). راجع ج ١٦ ص ٥٤ فما بعد. [ ..... ]