يَعْمَلُونَ" (بِالْيَاءِ) عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ بِالتَّهْدِيدِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ" تَعْلَمُونَ" (بِالتَّاءِ) عَلَى أَنَّهُ مِنْ خِطَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمشركين بِالتَّهْدِيدِ. وَ" سَلامٌ" رُفِعَ بِإِضْمَارِ عَلَيْكُمْ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ بِتَوْدِيعِهِمْ بِالسَّلَامِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ تَحِيَّةً لَهُمْ، حَكَاهُ النَّقَّاشُ. وَرَوَى شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ أَنَّهُ عَرَّفَهُ بِذَلِكَ كَيْفَ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ، والله أعلم.
[تفسير سُورَةُ الدُّخَانِ]
سُورَةُ الدُّخَانِ مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ، إِلَّا قوله تعالى:" إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا" «١» [الدخان: ١٥]. وَهِيَ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ آيَةً. وَقِيلَ تِسْعٌ. وَفِي مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: (مَنْ قَرَأَ الدُّخَانَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ وَزُوِّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ) رَفَعَهُ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ قَرَأَ الدُّخَانَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ). وَفِي لَفْظٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ قَرَأَ الدُّخَانَ فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ). وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ قَرَأَ حم الدُّخَانِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَ الْجُمْعَةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ).
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الدخان (٤٤): الآيات ١ الى ٣]
حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣)
إِنْ جُعِلَتْ" حم" جَوَابَ الْقَسَمِ تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ" الْمُبِينِ" ثُمَّ تَبْتَدِئُ" إِنَّا أَنْزَلْناهُ". وَإِنْ جُعِلَتْ" إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ" جَوَابَ الْقَسَمِ الَّذِي هُوَ" الْكِتابِ" وَقَفْتَ عَلَى" مُنْذِرِينَ" وَابْتَدَأْتَ" فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ". وَقِيلَ: الْجَوَابُ" إِنَّا أَنْزَلْناهُ"، وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ مِنْ حَيْثُ كَانَ صِفَةً لِلْمُقْسَمِ بِهِ، وَلَا تَكُونُ صِفَةُ الْمُقْسَمِ بِهِ جَوَابًا لِلْقَسَمِ، وَالْهَاءُ فِي" أَنْزَلْناهُ"
(١). آية ١٥
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute