للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أَيْ مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ، حَيْثُ جَعَلُوا هَذِهِ الْأَصْنَامَ شُرَكَاءَ لَهُ. وَقَدْ مَضَى فِي" الانعام «١» ". (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) ٤٠ تقدم.

[سورة الحج (٢٢): الآيات ٧٥ الى ٧٦]

اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ) خَتَمَ السُّورَةَ بِأَنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، أَيْ لَيْسَ بَعْثُهُ مُحَمَّدًا أَمْرًا بِدْعِيًّا. وَقِيلَ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ قَالَ: أَوَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. وَأَخْبَرَ أَنَّ الِاخْتِيَارَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) لِأَقْوَالِ عِبَادِهِ (بَصِيرٌ) بِمَنْ يَخْتَارُهُ مِنْ خَلْقِهِ لِرِسَالَتِهِ. (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) يُرِيدُ مَا قَدَّمُوا. (وَما خَلْفَهُمْ) يُرِيدُ مَا خَلَّفُوا، مثل قوله في يس:" إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا «٢» " [يس: ١٢] يُرِيدُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ" وَآثارَهُمْ" يُرِيدُ مَا خلفوا. (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ٢١٠.

[[سورة الحج (٢٢): آية ٧٧]]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ أَنَّهَا فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ، وَهَذِهِ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ لَمْ يَرَهَا مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ مِنَ الْعَزَائِمِ، لِأَنَّهُ قَرَنَ الرُّكُوعَ بِالسُّجُودِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَخَصَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ تَشْرِيفًا لِلصَّلَاةِ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُبَيَّنًا فِي" الْبَقَرَةِ «٣» " وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ) أَيِ امْتَثِلُوا أَمْرَهُ. (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) نُدِبَ فِيمَا عَدَا الْوَاجِبَاتِ الَّتِي صح وجوبها من غير هذا الموضع.


(١). راجع ج ٧ ص ٣٦.
(٢). راجع ج ١٥ ص ١١.
(٣). راجع ج ١ ص ٣٤٤.