للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ بِتَوْقِيرِ كِتَابِهِ يَزِدْكُمْ حُبًّا وَيُحَبِّبْكُمْ إِلَى عِبَادِهِ يُدْفَعُ عَنْ مُسْتَمِعِ الْقُرْآنِ بَلْوَى الدُّنْيَا وَيُدْفَعُ عَنْ تَالِي «١» الْقُرْآنِ بَلْوَى الْآخِرَةِ وَمَنِ اسْتَمَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَانَ لَهُ أَفْضَلُ مِمَّا تَحْتَ الْعَرْشِ إِلَى التُّخُومِ وَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَسُورَةً تُدْعَى الْعَزِيزَةَ وَيُدْعَى صَاحِبُهَا الشَّرِيفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَشْفَعُ لِصَاحِبِهَا فِي أَكْثَرِ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَهِيَ سُورَةُ يس". وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" مَنْ قَرَأَ سُورَةَ يس لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ". وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى قَالَ:" مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ سُورَةَ يس خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِ حروفها حسنات".

[سورة يس (٣٦): الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)

تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" يس" فِي" يس" أَوْجُهٌ مِنَ الْقِرَاءَاتِ: قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكِسَائِيُّ" يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ" بِإِدْغَامِ النُّونِ فِي الْوَاوِ. وقرا أبو عمرو والأعمش وحمزة" يس" بِإِظْهَارِ النُّونِ. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ" يَسِنَ" بِنَصْبِ النُّونِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ" يَسِنِ" بِالْكَسْرِ. وَقَرَأَ هَارُونُ الْأَعْوَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْقَعِ" يَسِنُ" بِضَمِّ النُّونِ، فَهَذِهِ خَمْسُ قِرَاءَاتٍ. الْقِرَاءَةُ الْأُولَى بِالْإِدْغَامِ عَلَى مَا يَجِبُ فِي الْعَرَبِيَّةِ، لِأَنَّ النُّونَ تُدْغَمُ فِي الْوَاوِ. وَمَنْ بَيَّنَ قَالَ سَبِيلُ حُرُوفِ الْهِجَاءِ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِدْغَامُ فِي الْإِدْرَاجِ. وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ النَّصْبَ وَجَعَلَهُ مِنْ جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا وَلَا يَصْرِفُهُ، لِأَنَّهُ عِنْدَهُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ بِمَنْزِلَةِ هَابِيلَ، والتقدير أذكر يسئن. وَجَعَلَهُ سِيبَوَيْهِ اسْمًا لِلسُّورَةِ. وَقَوْلُهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْفَتْحِ مِثْلَ كَيْفَ وَأَيْنَ. وَأَمَّا الْكَسْرُ فَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِقَوْلِ الْعَرَبِ جَيْرِ لَا أَفْعَلُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ" يَسِنِ" قَسَمًا. وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: مُشَبَّهٌ بِأَمْسِ وَحَذَامَ وَهَؤُلَاءِ وَرَقَاشَ. وَأَمَّا الضَّمُّ فَمُشَبَّهٌ بِمُنْذُ وَحَيْثُ وَقَطُّ، وَبِالْمُنَادَى الْمُفْرَدِ إِذَا قُلْتَ يَا رَجُلُ، لِمَنْ يَقِفُ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ السميقع وهارون: وقد جاء في تفسيرها


(١). الزيادة من" نوادر الأصول" للترمذي الحكيم.