للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقُرْآنِ حُبُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَامَةُ حُبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبُّ السُّنَّةِ، وَعَلَامَةُ حُبِّ اللَّهِ وَحُبِّ الْقُرْآنِ وحب النبي وَحُبِّ السُّنَّةِ حُبُّ الْآخِرَةِ، وَعَلَامَةُ حُبِّ الْآخِرَةِ أن يجب نَفْسَهُ، وَعَلَامَةُ حُبِّ نَفْسِهِ أَنْ يُبْغِضَ الدُّنْيَا، وَعَلَامَةُ بُغْضِ الدُّنْيَا أَلَّا يَأْخُذَ مِنْهَا إِلَّا الزَّادَ وَالْبُلْغَةَ. وَرَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ" قَالَ: (عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالتَّوَاضُعِ وَذِلَّةِ النَّفْسِ) خَرَّجَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيُّ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّهُ اللَّهُ فَعَلَيْهِ بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَأَلَّا يُؤْذِيَ جَارَهُ). وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إن الله يجب فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ- قَالَ- ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ قَالَ فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ- قَالَ- فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ (. وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي آخِرِ سُورَةِ" مَرْيَمَ" «١» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَرَأَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ (فَاتَّبِعُونِي) «٢» بِفَتْحِ الْبَاءِ، (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) عَطْفٌ عَلَى" يُحْبِبْكُمُ". وَرَوَى مَحْبُوبٌ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنَّهُ أَدْغَمَ الرَّاءَ مِنْ" يَغْفِرْ" فِي اللَّامِ مِنْ" لَكُمْ". قَالَ النَّحَّاسُ: لَا يُجِيزُ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ إِدْغَامَ الرَّاءِ فِي اللَّامِ، وَأَبُو عَمْرٍو أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَغْلَطَ فِي مِثْلِ هَذَا، وَلَعَلَّهُ كَانَ يُخْفِي الحركة كما يفعل في أشياء كثيرة.

[[سورة آل عمران (٣): آية ٣٢]]

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) يَأْتِي بَيَانُهُ فِي" النِّسَاءِ" «٣»." فَإِنْ تَوَلَّوْا" شَرْطٌ، إِلَّا أَنَّهُ مَاضٍ لَا يُعْرَبُ. وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ تَوَلَّوْا عَلَى كُفْرِهِمْ وَأَعْرَضُوا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) أَيْ لَا يَرْضَى فِعْلَهُمْ وَلَا يغفر لهم كما تقدم.


(١). راجع ج ١ ١. ص ١٦٠. [ ..... ]
(٢). كذا في الأصول، راجع البحر ج ٣ ص ٤٣١، في الشواذ ص ٢٠: يحببكم بفتح الياء.
(٣). راجع ج ٥ ص ٢٥٨.