للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا يَأْتِي فِي الْمُضَاعَفِ يَفْعِلُ بِالْكَسْرِ. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ: وَالْأَصْلُ فِيهِ حَبُبَ كَظَرُفَ، فَأُسْكِنَتِ الْبَاءُ وَأُدْغِمَتْ فِي الثَّانِيَةِ. قَالَ ابْنُ الدَّهَّانِ سَعِيدٌ: فِي حَبَّ لُغَتَانِ: حَبَّ وَأَحَبَّ، وَأَصْلُ" حَبَّ" فِي هَذَا الْبِنَاءِ حَبُبَ كَظَرُفَ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: حَبُبْتُ، وَأَكْثَرُ مَا وَرَدَ فَعِيلٌ مِنْ فَعُلَ. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ: وَالدِّلَالَةُ على أحب قوله تعالى:" يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ" [المائدة: ٥٤] بضم الياء. و" فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ" [آل عمران: ٣١] وَ" حَبَّ" يَرِدُ عَلَى فَعُلَ لِقَوْلِهِمْ حَبِيبٌ. وَعَلَى فَعُلَ كَقَوْلِهِمْ مَحْبُوبٌ: وَلَمْ يَرِدِ اسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ حَبَّ الْمُتَعَدِّي، فَلَا يُقَالُ: أَنَا حَابٌّ. وَلَمْ يَرِدِ اسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْ أَفْعَلُ إِلَّا قَلِيلًا، كَقَوْلِهِ:

مِنِّي بِمَنْزِلَةِ الْمُحَبِّ الْمُكْرَمِ «١»

وحكى أبو زيد: حببته أحبه. وأنشد:

فو الله لَوْلَا تَمْرُهُ مَا حَبَبْتُهُ ... وَلَا كَانَ أَدْنَى مِنْ عُوَيْفٍ وَهَاشِمِ

وَأَنْشَدَ:

لَعَمْرُكَ إِنَّنِي وَطِلَابَ مِصْرٍ ... لَكَالْمُزْدَادِ مِمَّا حَبَّ بُعْدَا

وَحَكَى الْأَصْمَعِيُّ فتح حرف المضارعة مع الباء وَحْدَهَا. وَالْحُبُّ الْخَابِيَةُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ حِبَابٌ وَحِبَبَةٌ، حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِي وَفْدِ نَجْرَانَ إِذْ زَعَمُوا أَنَّ مَا ادَّعَوْهُ فِي عِيسَى حُبٌّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ جُرَيْجٍ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالُوا: نَحْنُ الَّذِينَ نُحِبُّ رَبَّنَا. وَرُوِيَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّا لَنُحِبُّ رَبَّنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي". قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَحَبَّةُ عِنْدَ الْعَرَبِ إِرَادَةُ «٢» الشَّيْءِ عَلَى قَصْدٍ لَهُ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِلَّهِ ورسول طَاعَتُهُ لَهُمَا وَاتِّبَاعُهُ أَمْرَهُمَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي". وَمَحَبَّةُ اللَّهِ لِلْعِبَادِ إِنْعَامُهُ عَلَيْهِمْ بِالْغُفْرَانِ، قَالَ اللَّهُ تعالى:" فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ" [آل عمران: ٣٢] أَيْ لَا يَغْفِرُ لَهُمْ. وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَلَامَةُ حُبِّ اللَّهِ حُبُّ الْقُرْآنِ، وعلامة حب


(١). هذا عجز بيت لعنترة في معلقته وصدر:
ولقد نزلت فلا تظنى غيره.
(٢). في ب ود: إرادتها.