وَقَالَ الْأَخْفَشُ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ لِينَةً اشْتِقَاقًا مِنَ اللَّوْنِ لَا مِنَ اللَّيْنِ. الْمَهْدَوِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهَا، فَقِيلَ: هِيَ مِنَ اللَّوْنِ وَأَصْلُهَا لُونَةٌ. وَقِيلَ أَصْلُهَا لِينَةٌ مِنْ لَانَ يَلِينُ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ" مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ وَلَا تَرَكْتُمْ قَوْمَاءَ عَلَى أُصُولِهَا" أَيْ قَائِمَةً عَلَى سُوقِهَا. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ" مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قُوَّمًا عَلَى أُصُولِهَا" الْمَعْنَى لَمْ تقطعوها. وقرى" قَوْمَاءُ عَلَى أُصُلِهَا". وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّهُ جَمْعُ أَصْلٍ، كَرَهْنٍ وَرُهُنٍ. وَالثَّانِي- اكْتُفِيَ فِيهِ بالضمة عن الواو. وقرى" قَائِمًا عَلَى أُصُولِهِ" ذَهَابًا إِلَى لَفْظِ مَا. فَبِإِذْنِ اللَّهِ أَيْ بِأَمْرِهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ أَيْ ليذل اليهود الكفار به وبنبيه وكتبه.
[سورة الحشر (٥٩): الآيات ٦ الى ٧]
وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٧)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) هَذِهِ الْآيَةُ وَالَّتِي بَعْدَهَا إِلَى قَوْلِهِ شَدِيدُ الْعِقابِ «١» فِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَفاءَ اللَّهُ يَعْنِي مَا رَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ. فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ أَوْضَعْتُمْ عَلَيْهِ. وَالْإِيجَافُ: الْإِيضَاعُ فِي السَّيْرِ وَهُوَ الْإِسْرَاعُ، يُقَالُ: وَجَفَ الْفَرَسُ إِذَا أَسْرَعَ، وَأَوْجَفْتُهُ أَنَا أَيْ حَرَّكْتُهُ وَأَتْعَبْتُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
مَذَاوِيدُ بِالْبِيضِ الْحَدِيثِ صِقَالُهَا ... عَنِ الرَّكْبِ أَحْيَانًا إِذَا الرَّكْبُ أَوْجَفُوا
وَالرِّكَابُ الْإِبِلُ، وَاحِدُهَا رَاحِلَةٌ. يَقُولُ: لَمْ تَقْطَعُوا إِلَيْهَا شُقَّةً وَلَا لَقِيتُمْ بِهَا حَرْبًا
(١). ما بين المربعين ساقط من ح، س.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute