تَوَاتَرَتْ عَلَى أَنَّ الْمَهْدِيَّ مِنْ عِتْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى عِيسَى. وَالْحَدِيثُ الَّذِي وَرَدَ فِي أَنَّهُ (لَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى) غَيْرُ صَحِيحٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ: لِأَنَّ رَاوِيَهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُنْدِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ، يَرْوِي عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ- وَهُوَ مَتْرُوكٌ- عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ. وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي قَبْلَهُ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ، وَفِيهَا بَيَانُ كَوْنِ الْمَهْدِيِّ مِنْ عِتْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَحُّ إِسْنَادًا. قُلْتُ: قَدْ ذَكَرْنَا هَذَا وَزِدْنَاهُ بَيَانًا فِي كِتَابِنَا (كِتَابِ التَّذْكِرَةِ) وَذَكَرْنَا أَخْبَارَ الْمَهْدِيِّ مُسْتَوْفَاةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقِيلَ: أَرَادَ" لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ" فِي جزيرة العرب، وقد فعل.
[[سورة التوبة (٩): آية ٣٤]]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤)
فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى" لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ" دَخَلَتِ اللَّامُ عَلَى يَفْعَلُ، وَلَا تَدْخُلُ عَلَى فَعَلَ لِمُضَارَعَةِ يفعل الأسماء. والأحبار علماء اليهود. والرهبان مُجْتَهِدُو النَّصَارَى فِي الْعِبَادَةِ." بِالْباطِلِ" قِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَتْبَاعِهِمْ ضَرَائِبَ وَفُرُوضًا بِاسْمِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا يُوهِمُونَهُمْ أَنَّ النَّفَقَةَ فِيهِ مِنَ الشَّرْعِ وَالتَّزَلُّفِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُمْ خِلَالَ ذَلِكَ يَحْجُبُونَ تِلْكَ الْأَمْوَالَ، كَالَّذِي ذَكَرَهُ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ عَنِ الرَّاهِبِ الَّذِي اسْتَخْرَجَ كَنْزَهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيَرِ. وَقِيلَ: كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ غَلَّاتِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ضَرَائِبَ بِاسْمِ حِمَايَةِ الدِّينِ وَالْقِيَامِ بِالشَّرْعِ. وَقِيلَ: كَانُوا يَرْتَشُونَ فِي الْأَحْكَامِ، كَمَا يَفْعَلُهُ الْيَوْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute