قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ) أَيْ مَنْ حَضَرَ أَجَلُهُ مَاتَ أَوْ قُتِلَ، فَلَا يَنْفَعُ الْفِرَارُ. (وَإِذاً لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا) أَيْ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ الْفِرَارِ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ آجَالُكُمْ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ فَقَرِيبٌ. وَرَوَى السَّاجِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ" وَإِذًا لَا يُمَتَّعُونَ" بِيَاءٍ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ" وَإِذًا لَا تُمَتَّعُوا" نُصِبَ بِ"- إِذاً" وَالرَّفْعُ بِمَعْنَى وَلَا تُمَتَّعُونَ. وَ" إِذاً" مُلْغَاةٌ، وَيَجُوزُ إِعْمَالُهَا. فَهَذَا حُكْمُهَا إِذَا كَانَ قَبْلَهَا الْوَاوُ وَالْفَاءُ. فَإِذَا كَانَتْ مبتدأة نصبت بها فقلت: إذا أكرمك.
[[سورة الأحزاب (٣٣): آية ١٧]]
قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ) أَيْ يَمْنَعُكُمْ مِنْهُ. (إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً) أَيْ هَلَاكًا. (أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) أَيْ خَيْرًا وَنَصْرًا وَعَافِيَةً. (وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) أَيْ لَا قَرِيبًا يَنْفَعُهُمْ ولا ناصرا ينصرهم.
[[سورة الأحزاب (٣٣): آية ١٨]]
قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) أَيِ الْمُعْتَرِضِينَ مِنْكُمْ لِأَنْ يَصُدُّوا النَّاسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ عَاقَنِي عَنْ كَذَا أَيْ صَرَفَنِي عَنْهُ. وَعَوَّقَ، عَلَى التَّكْثِيرِ (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) عَلَى لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ:" هَلُمُّوا" لِلْجَمَاعَةِ، وَهَلُمِّي لِلْمَرْأَةِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ:" هَا" الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ ضُمَّتْ إِلَيْهَا" لَمَّ" ثُمَّ حُذِفَتِ الْأَلِفُ اسْتِخْفَافًا وَبُنِيَتْ عَلَى الْفَتْحِ. وَلَمْ يَجُزْ فِيهَا الْكَسْرُ وَلَا الضَّمُّ لِأَنَّهَا لَا تَنْصَرِفُ. وَمَعْنَى" هَلُمَّ" أَقْبِلْ، وَهَؤُلَاءِ طَائِفَتَانِ، أَيْ مِنْكُمْ مَنْ يُثَبِّطُ وَيُعَوِّقُ. وَالْعَوْقُ الْمَنْعُ وَالصَّرْفُ، يُقَالُ: عَاقَهُ يَعُوقُهُ عَوْقًا، وَعَوَّقَهُ وَاعْتَاقَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ مُقَاتِلٌ: هُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَأَصْحَابُهُ المنافقون.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute