للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَصْلِ، فَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَلَى" إِذَا" لِلتَّذَكُّرِ، فَلَمَّا طَالَ سُكُوتُهُ قَطَعَ أَلِفَ الْوَصْلِ، كَالْمُبْتَدِئِ بِهَا. وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ قَطْعُ أَلِفِ الْوَصْلِ نحو قوله:

يَا نَفْسُ صَبْرًا كُلُّ حَيٍّ لَاقِي ... وَكُلُّ اثْنَيْنِ إِلَى إِفْتِرَاقِ

وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ" حَتَّى إِذِ ادَّرَكُوا" بِحَذْفِ أَلِفِ" إِذَا" لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَحَذْفِ الْأَلِفِ الَّتِي بَعْدَ الدَّالِ." جَمِيعاً" نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ. (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ) أَيْ آخِرُهُمْ دُخُولًا وَهُمُ الْأَتْبَاعُ لِأُولَاهُمْ وَهُمُ الْقَادَةُ. رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ. فَاللَّامُ فِي" لِأُولاهُمْ" لَامُ أَجْلٍ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُخَاطِبُوا أُولَاهُمْ وَلَكِنْ قَالُوا فِي حَقِّ أُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا. وَالضِّعْفُ الْمِثْلُ الزَّائِدُ عَلَى مِثْلِهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ. وَعَنِ ابن مسعود أن الضعف ها هنا الْأَفَاعِي وَالْحَيَّاتُ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ" رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً «١» ". وَهُنَاكَ يَأْتِي ذِكْرُ الضِّعْفِ بِأَبْشَعَ مِنْ هَذَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْكَامِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ أَيْ لِلتَّابِعِ وَالْمَتْبُوعِ. (وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ، أَيْ لَا يَعْلَمُ كُلُّ فَرِيقٍ مَا بِالْفَرِيقِ الْآخَرِ، إِذْ لَوْ عَلِمَ بَعْضُ مَنْ فِي النَّارِ أَنَّ عَذَابَ أَحَدٍ فَوْقَ عَذَابِهِ لَكَانَ نَوْعَ سَلْوَةٍ لَهُ. وَقِيلَ الْمَعْنَى" وَلكِنْ لَا تَعْلَمُونَ" بِالتَّاءِ، أَيْ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُونَ مَا يَجِدُونَ مِنَ الْعَذَابِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى ولكن لا تعلمون يأهل الدُّنْيَا مِقْدَارَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ. (وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) أَيْ قَدْ كَفَرْتُمْ وَفَعَلْتُمْ كَمَا فعلنا، فليس تستحقون تخفيفا من العذاب فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون.

[سورة الأعراف (٧): الآيات ٤٠ الى ٤١]

إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١)


(١). راجع ج ١٤ ص ٢٤٩. [ ..... ]