أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شي فَاجْتَنِبُوهُ (. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي رُؤَسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، قَالُوا فِيمَا ظَهَرَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْوَالِ، الْمُشْرِكِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خُذْ صَفِيَّكَ وَالرُّبُعَ، وَدَعْنَا وَالْبَاقِي، فَهَكَذَا كُنَّا نَفْعَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَأَنْشَدُوهُ:
لَكَ الْمِرْبَاعُ مِنْهَا وَالصَّفَايَا ... وَحُكْمُكَ وَالنَّشِيطَةُ وَالْفُضُولُ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةِ. الْعَاشِرَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ) أَيْ عَذَابَ اللَّهِ، إِنَّهُ شَدِيدٌ لِمَنْ عَصَاهُ. وَقِيلَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ فَلَا تُضَيِّعُوهَا. (إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لِمَنْ خَالَفَ مَا أمره به.
[[سورة الحشر (٥٩): آية ٨]]
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨)
أَيِ الْفَيْءُ وَالْغَنَائِمُ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ. وَقِيلَ: كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ وَلَكِنْ يَكُونُ لِلْفُقَراءِ. وَقِيلَ: هُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَلَمَّا ذُكِرُوا بِأَصْنَافِهِمْ قِيلَ الْمَالُ لِهَؤُلَاءِ، لِأَنَّهُمْ فُقَرَاءُ وَمُهَاجِرُونَ وَقَدْ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، فَهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ. وَقِيلَ: وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ لِكَيْلَا يَكُونَ الْمَالُ دُولَةً لِلْأَغْنِيَاءِ مِنْ بَنِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِلْمُهَاجِرِينَ، أَيْ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِلْكُفَّارِ بِسَبَبِ الْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَمِنْ أَجْلِهِمْ. وَدَخَلَ فِي هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى. وَقِيلَ: هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَا مَضَى، وَلَمْ يَأْتِ بِوَاوِ الْعَطْفِ كَقَوْلِكَ: هَذَا الْمَالُ لِزَيْدٍ لِبَكْرٍ لِفُلَانٍ لِفُلَانٍ. وَالْمُهَاجِرُونَ هُنَا: مَنْ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبًّا فِيهِ وَنُصْرَةً لَهُ. قَالَ قَتَادَةُ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تَرَكُوا الدِّيَارَ وَالْأَمْوَالَ وَالْأَهْلِينَ وَالْأَوْطَانَ حُبًّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَعْصِبُ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ لِيُقِيمَ بِهِ صُلْبَهُ مِنَ الْجُوعِ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَتَّخِذُ الْحَفِيرَةَ فِي الشِّتَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute