للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُعْطِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِالْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ) وَتَلَا (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً). قَالَ عُبَيْدَةُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَإِذَا قَالَ اللَّهُ (أَجْراً عَظِيماً) فَمَنِ الَّذِي يُقَدِّرُ قَدْرَهُ! وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِحْدَى الْآيَاتِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِمَّا طلعت عليه الشمس.

[[سورة النساء (٤): آية ٤١]]

فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١)

فُتِحَتِ الْفَاءُ لالتقاء الساكنين، و (إِذا) ظَرْفُ زَمَانٍ وَالْعَامِلُ فِيهِ (جِئْنا). ذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ: حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ «١» قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَنِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو «٢» كَامِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُمْ فِي بَنِي ظَفَرٍ «٣» فَجَلَسَ عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي فِي بَنِي ظَفَرٍ وَمَعَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمُعَاذٌ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَمَرَ قَارِئًا يَقْرَأُ حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) بَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اخْضَلَّتْ وَجْنَتَاهُ، فَقَالَ: (يَا رَبِّ هَذَا عَلَى مَنْ أَنَا بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ فَكَيْفَ مَنْ «٤» لَمْ أَرَهُمْ). وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ. قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اقْرَأْ عَلَيَّ) قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: (إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ (النِّسَاءِ) حَتَّى بَلَغْتُ (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) قَالَ: (أَمْسِكْ) فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ (أَمْسِكْ): فَرَفَعْتُ رَأْسِي- أَوْ غَمَزَنِي رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي- فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: بُكَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ لِعَظِيمِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ وَشِدَّةِ الْأَمْرِ، إِذْ يُؤْتَى بِالْأَنْبِيَاءِ شُهَدَاءَ عَلَى أُمَمِهِمْ بِالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، وَيُؤْتَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم القيامة شهيدا. والإشارة بقوله


(١). الخليل بن أحمد لعله الأصبهاني.
(٢). من ز وط وى. وفى غيرها: ابن كامل.
(٣). بنو ظفر (محركة) بطن في الأنصار، وبطن في بنى سليم. [ ..... ]
(٤). في ابن كثير: (هذا شهدت على من أنا بين ظهرانيهم فكيف بمن لم أرهم).