للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا يُنْقِصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا" خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَجَرِيرٍ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ أَعْوَانُ الظَّلَمَةِ. وَقِيلَ: أَصْحَابُ الْبِدَعِ إِذَا اتُّبِعُوا عَلَيْهَا وَقِيلَ: مُحْدِثُو السُّنَنِ الْحَادِثَةِ إِذَا عُمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِمْ. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ وَالْحَدِيثُ يَجْمَعُ ذَلِكَ كله.

[سورة العنكبوت (٢٩): الآيات ١٤ الى ١٥]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١٤) فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (١٥)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا) ذَكَرَ قِصَّةَ نُوحٍ تَسْلِيَةً لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيِ ابْتُلِيَ النَّبِيُّونَ قَبْلَكَ بِالْكُفَّارِ فَصَبَرُوا. وَخَصَّ نُوحًا بِالذِّكْرِ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ أُرْسِلَ إِلَى الْأَرْضِ وَقَدِ امْتَلَأَتْ كُفْرًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي" هُودٍ" «١». وَأَنَّهُ لَمْ يَلْقَ نَبِيٌّ مِنْ قَوْمِهِ مَا لَقِيَ نُوحٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي" هُودٍ" عَنِ الْحَسَنِ وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" أَوَّلُ نَبِيٍّ أُرْسِلَ نُوحٌ" قَالَ قَتَادَةُ: وَبُعِثَ مِنِ الْجَزِيرَةِ. وَاخْتُلِفَ فِي مَبْلَغِ عُمْرِهِ. فَقِيلَ: مَبْلَغُ عُمْرِهِ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ. قَالَ قَتَادَةُ: لَبِثَ فِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ ثلاثمائة سنة ودعاهم ثلاثمائة سَنَةٍ، وَلَبِثَ بَعْدَ الطُّوفَانِ ثَلَاثَمِائَةِ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بُعِثَ نُوحٌ لِأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَبِثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، وَعَاشَ بَعْدَ الْغَرَقِ سِتِّينَ سَنَةً حَتَّى كَثُرَ النَّاسُ وَفَشُوا. وَعَنْهُ أَيْضًا: أَنَّهُ بُعِثَ وهو ابن ميتين وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ، وَعَاشَ بَعْدَ الطُّوفَانِ مِائَتِي سَنَةٍ. وَقَالَ وَهْبٌ: عُمِّرَ نُوحٌ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ. وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: لَبِثَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، وَعَاشَ بَعْدَ الطُّوفَانِ سَبْعِينَ عَامًا فَكَانَ مَبْلَغُ عُمْرِهِ أَلْفَ سَنَةٍ وعشرين عاما. وَقَالَ عَوْنُ بْنُ شَدَّادٍ: بُعِثَ نُوحٌ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةِ سنة، ولبث في قومه ألف سنة إلا خَمْسِينَ عَامًا، وَعَاشَ بَعْدَ الطُّوفَانِ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ


(١). راجع ج ٩ ص ٤٢ وما بعدها طبة أولى أو ثانية.