للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ مَصْدَرِيَّةٌ أَيْضًا، مَعْنَاهُ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مِثْلَ عِبَادَتِي، الَّتِي هي توحيد.

[[سورة الكافرون (١٠٩): آية ٦]]

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)

فِيهِ مَعْنَى التَّهْدِيدِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ «١» [القصص: ٥٥] أَيْ إِنْ رَضِيتُمْ بِدِينِكُمْ، فَقَدْ رَضِينَا بِدِينِنَا. وَكَانَ هَذَا قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ، فَنُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ. وَقِيلَ: السُّورَةُ كُلُّهَا مَنْسُوخَةٌ. وَقِيلَ: مَا نسخ منها شي لِأَنَّهَا خَبَرٌ. وَمَعْنَى لَكُمْ دِينُكُمْ أَيْ جَزَاءُ دِينِكُمْ، وَلِيَ جَزَاءُ دِينِي. وَسَمَّى دِينَهُمْ دِينًا، لِأَنَّهُمُ اعْتَقَدُوهُ وَتَوَلَّوْهُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَكُمْ جَزَاؤُكُمْ وَلِيَ جَزَائِي، لِأَنَّ الدِّينَ الْجَزَاءُ. وَفَتَحَ الْيَاءَ مِنْ وَلِيَ دِينِ نَافِعٌ، وَالْبَزِّيُّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ بِاخْتِلَافٍ عَنْهُ، وَهِشَامٌ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ. وَأَثْبَتَ الْيَاءَ فِي" دِينِي" في الحالين نصر ابن عَاصِمٍ وَسَلَّامٌ وَيَعْقُوبُ، قَالُوا: لِأَنَّهَا اسْمٌ مِثْلُ الْكَافِ فِي دِينِكُمْ، وَالتَّاءِ فِي قُمْتُ. الْبَاقُونَ بِغَيْرِ يَاءٍ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَهُوَ يَهْدِينِ «٢» [الشعراء: ٧٨] فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ «٣» [آل عمران: ٥٠] وَنَحْوِهِ، اكْتِفَاءً بِالْكِسْرَةِ، وَاتِّبَاعًا لِخَطِّ الْمُصْحَفِ، فَإِنَّهُ وَقَعَ فِيهِ بِغَيْرِ يَاءٍ.

[تَفْسِيرُ سُورَةِ النَّصْرِ]

تَفْسِيرُ سُورَةِ" النَّصْرِ" وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ بِإِجْمَاعٍ. وَتُسَمَّى سُورَةَ (التَّوْدِيعِ). وَهِيَ ثَلَاثُ آيَاتٍ. وَهِيَ آخِرُ سُورَةٍ نزَلَتْ جَمِيعًا قَالَهُ ابْنُ عُبَّاسٍ فِي صحيح مسلم. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[[سورة النصر (١١٠): آية ١]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)

النَّصْرُ: الْعَوْنُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: قَدْ نَصَرَ الْغَيْثُ الْأَرْضَ: إِذَا أَعَانَ عَلَى نباتها، من قحطها. قال الشاعر: «٤»


(١). آية ٥٥ سورة القصص.
(٢). آية ٧٨ سورة الشعراء.
(٣). آية ٥٠ سورة آل عمران.
(٤). هو الراعي يخاطب خيلا. (عن اللسان مادة نصر.)