للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سورة الشعراء (٢٦): الآيات ٥٢ الى ٦٨]

وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (٥٦)

فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠) فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١)

قالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣) وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤) وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦)

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦٨)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) لَمَّا كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ إِنْجَاءُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُصَدِّقِينَ مِنْ أوليائه، لمعترفين بِرِسَالَةِ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ، وَإِهْلَاكُ الْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِ، أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَخْرُجَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ لَيْلًا وَسَمَّاهُمْ عِبَادَهُ، لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِمُوسَى. وَمَعْنَى" إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ" أَيْ يَتَّبِعُكُمْ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ لِيَرُدُّوكُمْ. وَفِي ضِمْنِ هَذَا الْكَلَامِ تَعْرِيفُهُمْ أَنَّ اللَّهَ يُنْجِيهِمْ مِنْهُمْ، فَخَرَجَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ سَحَرًا، فَتَرَكَ الطَّرِيقَ إِلَى الشَّامِ عَلَى يَسَارِهِ وَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْبَحْرِ، فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ لَهُ فِي تَرْكِ الطَّرِيقِ فَيَقُولُ: هَكَذَا أُمِرْتُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْنُ وَعَلِمَ بِسُرَى مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، خَرَجَ فِي أَثَرِهِمْ، وَبَعَثَ إِلَى مَدَائِنِ مِصْرَ لِتَلْحَقَهُ الْعَسَاكِرُ، فَرُوِيَ أَنَّهُ لَحِقَهُ وَمَعَهُ مِائَةُ أَلْفِ أَدْهَمَ مِنَ الْخَيْلِ سِوَى سَائِرِ الْأَلْوَانِ. وَرُوِيَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا سِتَّمِائَةِ أَلْفٍ وَسَبْعِينَ أَلْفًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ. وَإِنَّمَا اللَّازِمُ مِنَ الْآيَةِ الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ خَرَجَ بِجَمْعٍ عَظِيمٍ مِنْ