تَسْتَغْفِرُ لِي. فَنُودِيَ مِنَ الْقَبْرِ إِنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَكَ. وَمَعْنَى (لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً) أَيْ قَابِلًا لِتَوْبَتِهِمْ، وَهُمَا مَفْعُولَانِ لَا غَيْرَ.
[[سورة النساء (٤): آية ٦٥]]
فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٦٥)
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِمَّنْ أَرَادَ التَّحَاكُمَ إِلَى الطَّاغُوتِ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: قَوْلُهُ (فَلا) رَدَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، تَقْدِيرُهُ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقَسَمَ بِقَوْلِهِ: (وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ). وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا قَدَّمَ (لَا) عَلَى الْقَسَمِ اهْتِمَامًا بِالنَّفْيِ وَإِظْهَارًا لِقُوَّتِهِ، ثُمَّ كَرَّرَهُ بَعْدَ الْقَسَمِ تَأْكِيدًا لِلتَّهَمُّمِ بِالنَّفْيِ، وَكَانَ يَصِحُّ إِسْقَاطُ (لَا) الثَّانِيةِ وَيَبْقَى أَكْثَرُ الِاهْتِمَامِ بِتَقْدِيمِ الْأُولَى، وَكَانَ يَصِحُّ إِسْقَاطُ الْأُولَى وَيَبْقَى مَعْنَى النَّفْيِ وَيَذْهَبُ مَعْنَى الِاهْتِمَامِ. وَ (شَجَرَ) مَعْنَاهُ اخْتَلَفَ وَاخْتَلَطَ، وَمِنْهُ الشَّجَرُ لِاخْتِلَافِ أَغْصَانِهِ. وَيُقَالُ لِعِصِيِّ الْهَوْدَجِ: شِجَارٌ، لِتَدَاخُلِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
نَفْسِي فَدَاؤُكَ وَالرِّمَاحُ شَوَاجِرُ ... وَالْقَوْمُ ضَنْكٌ لِلِّقَاءِ قِيَامُ
وَقَالَ طَرَفَةُ:
وَهُمُ الْحُكَّامُ أَرْبَابُ الْهُدَى ... وَسُعَاةُ النَّاسِ فِي الْأَمْرِ الشَّجِرْ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: نَزَلَتْ فِي الزُّبَيْرِ مَعَ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَتِ الْخُصُومَةُ فِي سَقْيِ بُسْتَانٍ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلزُّبَيْرِ: (اسْقِ أَرْضَكَ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى أَرْضِ جَارِكَ). فَقَالَ الْخَصْمُ: أَرَاكَ تُحَابِي ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: (اسْقِ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَدْرَ «١») وَنَزَلَ: (فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ). الْحَدِيثُ ثَابِتٌ صَحِيحٌ رواه البخاري
(١). الجدر: وهو ما رفع حول المزرعة كالجدار.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute