للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالتَّبْدِيلُ، فَكَانَ مَا يَأْتِي بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ تَفْسِيرًا مِمَّا عِنْدَهُمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَخْلِطُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَالْحَقُّ الْمَحْضُ أَحْسَنُ مِنْ حَقٍّ مُخْتَلِطٍ بِبَاطِلٍ، وَلِهَذَا قَالَ تعالى:" وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ" «١». وقيل:" لا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ" كَقَوْلِهِمْ فِي صِفَةِ عِيسَى إِنَّهُ خُلِقَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ أَيْ بِمَا فِيهِ نَقْضُ حُجَّتِهِمْ كَآدَمَ إِذْ خلق من غير أب وام.

[[سورة الفرقان (٢٥): آية ٣٤]]

الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٣٤)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ) تَقَدَّمَ فِي" سُبْحَانَ" «٢». (أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً) لِأَنَّهُمْ فِي جَهَنَّمَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ الْكُفَّارُ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ شَرُّ الْخَلْقِ. فَنَزَلَتِ الْآيَةُ. (وَأَضَلُّ سَبِيلًا) أَيْ دِينًا وَطَرِيقًا. وَنَظْمُ الْآيَةِ: وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ مَنْصُورٌ عَلَيْهِمْ بِالْحُجَجِ الْوَاضِحَةِ، وَهُمْ مَحْشُورُونَ على وجوههم.

[سورة الفرقان (٢٥): الآيات ٣٥ الى ٣٦]

وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) يُرِيدُ التَّوْرَاةَ. (وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) تَقَدَّمَ فِي" طه" «٣» (فَقُلْنَا اذْهَبا) الْخِطَابُ لَهُمَا. وَقِيلَ: إِنَّمَا أُمِرَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذَّهَابِ وَحْدَهُ فِي الْمَعْنَى. وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ:" نَسِيا حُوتَهُما" «٤». وَقَوْلُهُ:" يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ" «٥» وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ أَحَدِهِمَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أن يجترئ بِهِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ قَالَ عز وجل:" فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى. قَالَا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى. قالَ لَا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى. فَأْتِياهُ فَقُولا


(١). راجع ج ١ ص ٣٦٤ فما بعد. [ ..... ]
(٢). راجع ج ١٠ ص ٣٣٣.
(٣). راجع ج ١١ ص ١٩١ وص ١٢.
(٤). راجع ج ١٧ ص ١٦١.
(٥). راجع ج ١٠ ص ٣٣٣.