للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى الْغَلَّةِ، وَقِيلَ: إِلَى الزِّينَةِ. (أَتاها أَمْرُنا) أَيْ عَذَابُنَا، أَوْ أَمَرْنَا بِهَلَاكِهَا. (لَيْلًا أَوْ نَهاراً) ظَرْفَانِ. (فَجَعَلْناها حَصِيداً) مَفْعُولَانِ، أَيْ مَحْصُودَةً مقطوعة لا شي فِيهَا. وَقَالَ" حَصِيدًا" وَلَمْ يُؤَنِّثْ لِأَنَّهُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْحَصِيدُ الْمُسْتَأْصَلُ. (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) أَيْ لَمْ تَكُنْ عَامِرَةً، مِنْ غَنِيَ إِذَا أَقَامَ فِيهِ وَعَمَّرَهُ. وَالْمَغَانِي فِي اللُّغَةِ: الْمَنَازِلُ الَّتِي يَعْمُرُهَا النَّاسُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَأَنْ لَمْ تَنْعَمْ. قَالَ لَبِيَدٌ:

وَغَنِيْتُ سَبْتًا قَبْلَ مَجْرَى دَاحِسٍ ... لَوْ كَانَ لِلنَّفْسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ «١»

وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ" تَغْنَ" بِالتَّاءِ لِتَأْنِيثِ الْأَرْضِ. وَقَرَأَ قَتَادَةُ" يَغْنَ" بِالْيَاءِ، يَذْهَبُ بِهِ إِلَى الزُّخْرُفِ، يَعْنِي فَكَمَا يَهْلِكُ هَذَا الزَّرْعُ هَكَذَا كَذَلِكَ الدُّنْيَا. (نُفَصِّلُ الْآياتِ) أَيْ نبينها. (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في آيات الله.

[[سورة يونس (١٠): آية ٢٥]]

وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) لَمَّا ذَكَرَ وَصْفَ هَذِهِ الدَّارَ وَهِيَ دَارُ الدُّنْيَا وَصَفَ الْآخِرَةَ فَقَالَ: إن الله لا يدعو كم إِلَى جَمْعِ الدُّنْيَا بَلْ يَدْعُوكُمْ إِلَى الطَّاعَةِ لِتَصِيرُوا إِلَى دَارِ السَّلَامِ، أَيْ إِلَى الْجَنَّةِ. قَالَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ: السَّلَامُ هُوَ اللَّهُ، وَدَارُهُ الْجَنَّةُ، وَسُمِّيَتِ الْجَنَّةُ دَارَ السَّلَامِ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَهَا سَلِمَ مِنَ الْآفَاتِ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ" السَّلَامُ"، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي (الْكِتَابِ الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى). وَيَأْتِي فِي سُورَةِ" الْحَشْرِ «٢» " إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامَةِ. وَالسَّلَامُ وَالسَّلَامَةُ بِمَعْنًى كَالرَّضَاعِ وَالرَّضَاعَةِ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. قَالَ الشَّاعِرُ:

تُحَيِّي بِالسَّلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ ... وَهَلْ لَكِ بَعْدَ قَوْمِكَ من سلام


(١). السبت: البرهة من الدهر. وداحس: اسم الفرس.
(٢). راجع ج ١٨ ص ٤٥.