للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي فَكَيْفَ يَعْلَمُهَا مَخْلُوقٌ. وَفِي بعض القراءات: فكيف أظهرها لكم. وهذا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ جَاءَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي كَلَامِهَا، مِنْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا بَالَغَ فِي كِتْمَانِ الشَّيْءِ قَالَ: كِدْتُ أُخْفِيهِ مِنْ نَفْسِي. وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يخفي عليه شي، قال معناه قطرب وغيره. [والله أعلم «١»] وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَيَّامَ تَصْحَبُنِي هِنْدٌ وَأُخْبِرُهَا ... مَا أَكْتُمُ النَّفْسَ مِنْ حَاجِي وَأَسْرَارِي

فَكَيْفَ يُخْبِرُهَا بما تكتم نفسه. وَمِنْ هَذَا [الْبَابِ «٢»] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) الزَّمَخْشَرِيُّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي، وَلَا دَلِيلَ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ، وَمَحْذُوفٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مُطَّرَحٌ، وَالَّذِي غَرَّهُمْ مِنْهُ أَنَّ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ: أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي، وَفِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ: أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي فَكَيْفَ أُظْهِرُكُمْ عَلَيْهَا. قُلْتُ: وَقِيلَ إِنَّ مَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي، أَيْ إِنَّ إِخْفَاءَهَا كَانَ مِنْ قِبَلِي وَمِنْ عِنْدِي لَا مِنْ قِبَلِ غَيْرِي. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَكَادَ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي، ورواه طلحة بن عمرو عن عَطَاءٍ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا أُظْهِرُ عَلَيْهَا أَحَدًا. وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَدْ أَخْفَاهَا. وَهَذَا عَلَى أَنَّ كَادَ زَائِدَةٌ. أَيْ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أُخْفِيهَا، وَالْفَائِدَةُ فِي إِخْفَائِهَا التخويف والتهويل. وقيل: تعلق" لِتُجْزى " بقول تَعَالَى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ) فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، أَيْ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِتَذْكُرَنِي. (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) أَيْ بِسَعْيِهَا. (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) ٢٠: ١٥. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ: هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: (آتِيَةٌ) أَيْ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لِتُجْزَى (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها) ٢٠: ١٦ أَيْ لَا يَصْرِفَنَّكَ عَنِ الْإِيمَانِ بِهَا وَالتَّصْدِيقِ لَهَا. (مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى) ٢٠: ١٦ أَيْ فَتَهْلِكَ. وهو في موضع نصب بجواب النهي.

[سورة طه (٢٠): الآيات ١٧ الى ١٨]

وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨)


(١). من ج وط وك وى.
(٢). من ج وط وك وى.