للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ" «١» [الانعام: ٤١]، وقال تعالى:" يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ" «٢» [الشورى: ١٢]. وَقِيلَ: الْمَعْنَى إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ إِلَى النِّكَاحِ يغنهم الله بالحلال ليتعففوا عن الزنى. السَّابِعَةُ- هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى تَزْوِيجِ الْفَقِيرِ، وَلَا يَقُولُ كَيْفَ أَتَزَوَّجُ وَلَيْسَ لِي مَالٌ، فَإِنَّ رِزْقَهُ عَلَى اللَّهِ. وَقَدْ زَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَتَتْهُ تَهَبُ لَهُ نَفْسَهَا لِمَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِزَارٌ وَاحِدٌ، وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَسْخُ النِّكَاحِ بِالْإِعْسَارِ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْيَسَارِ فَخَرَجَ مُعْسِرًا، أَوْ طَرَأَ الْإِعْسَارُ بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْجُوعَ لَا صَبْرَ عَلَيْهِ، قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا. وَقَالَ النَّقَّاشُ: هَذِهِ الْآيَةُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الْقَاضِيَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ فَقِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:" يُغْنِهِمُ اللَّهُ" وَلَمْ يَقُلْ يُفَرَّقُ. وَهَذَا انْتِزَاعٌ ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ هَذِهِ الْآيَةُ حُكْمًا فِيمَنْ عَجَزَ عَنِ النَّفَقَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ وَعْدٌ بِالْإِغْنَاءِ لِمَنْ تَزَوَّجَ فَقِيرًا. فَأَمَّا مَنْ تَزَوَّجَ مُوسِرًا وَأَعْسَرَ بِالنَّفَقَةِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ" «٣» [النساء: ١٣٠]. وَنَفَحَاتُ اللَّهِ تَعَالَى مَأْمُولَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ موعود بها.

[سورة النور (٢٤): الآيات ٣٣ الى ٣٤]

وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ:


(١). راجع ج ٦ ص ٤٢٣.
(٢). راجع ج ٩ ص ٣١٨ فما بعد.
(٣). راجع ج ٥ ص ٤٠٤.