وَالْأَرْضُ الْجُرُزُ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا وَلَا شي مِنْ عِمَارَةٍ وَغَيْرِهَا، كَأَنَّهُ قُطِعَ وَأُزِيلَ. يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تَكُونُ مُسْتَوِيَةً لَا مُسْتَتَرَ فِيهَا. النَّحَّاسُ وَالْجُرُزُ فِي اللُّغَةِ الْأَرْضُ الَّتِي لَا نَبَاتَ بِهَا. قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ جَرِزَتِ الْأَرْضُ تَجْرَزُ، وَجَرَزَهَا الْقَوْمُ يَجْرُزُونَهَا إِذَا أكلوا كل ما جاء فيا من النبات والزرع فهي مجروزة وجرز «١».
[[سورة الكهف (١٨): آية ٩]]
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩)
مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّ" أَمْ" إِذَا جَاءَتْ دُونَ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا أَلِفُ اسْتِفْهَامٍ أَنَّهَا بِمَعْنَى بَلْ وَأَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ، وَهِيَ الْمُنْقَطِعَةُ. وَقِيلَ:" أَمْ" عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ فِي" فَلَعَلَّكَ"، أَوْ بِمَعْنَى أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى الْإِنْكَارِ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ تَقْرِيرٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِسَابِهِ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ كَانُوا عَجَبًا، بِمَعْنَى إِنْكَارِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، أَيْ لَا يَعْظُمُ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا عَظَّمَهُ عَلَيْكَ السَّائِلُونَ مِنَ الْكَفَرَةِ، فَإِنَّ سَائِرَ آيَاتِ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ قِصَّتِهِمْ وَأَشْيَعُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَابْنِ إِسْحَاقَ. وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ سَأَلُوهُ عَنْ فِتْيَةٍ فُقِدُوا، وَعَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَعَنِ الرُّوحِ، وَأَبْطَأَ الْوَحْيُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَحَسِبْتَ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا، أَيْ لَيْسُوا بِعَجَبٍ مِنْ آيَاتِنَا، بَلْ فِي آيَاتِنَا مَا هُوَ أعجب من خبرهم. الكلبي: خلق السموات وَالْأَرْضِ أَعْجَبُ مِنْ خَبَرِهِمْ. الضَّحَّاكُ: مَا أَطْلَعْتُكَ عله مِنَ الْغَيْبِ أَعْجَبُ. الْجُنَيْدُ: شَأْنُكَ فِي الْإِسْرَاءِ أَعْجَبُ. الْمَاوَرْدِيُّ: مَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْيُ، أَيْ مَا حَسِبْتَ لَوْلَا إِخْبَارُنَا. أَبُو سَهْلٍ: اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ، أَيْ أَحَسِبْتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ عَجَبٌ. وَالْكَهْفُ: النَّقْبُ الْمُتَّسِعُ فِي الْجَبَلِ، وَمَا لَمْ يَتَّسِعْ فَهُوَ غَارٌ. وَحَكَى النَّقَّاشُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الْكَهْفُ الْجَبَلُ، وَهَذَا غَيْرُ شَهِيرٍ فِي اللُّغَةِ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الرَّقِيمِ، فَقَالَ ابن عباس: كل شي فِي الْقُرْآنِ أَعْلَمُهُ إِلَّا أَرْبَعَةً: غِسْلِينٌ وَحَنَانٌ والأواه والرقيم. وسيل مَرَّةً عَنِ الرَّقِيمِ فَقَالَ: زَعَمَ كَعْبٌ أَنَّهَا قرية خرجوا
(١). في الكلمة أربع لغات: جرز، جرز، جرز، جرز.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute