للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ وَقَدْ دَعَتْ عَلَى سَارِقِ رِدَائِهَا: (لَا تُسَبِّخِي [عَنْهُ «١»] بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ). أَيْ لَا تُخَفِّفِي عَنْهُ إِثْمَهُ، قال الشاعر:

فسخ عَلَيْكَ الْهَمَّ وَاعْلَمْ بِأَنَّهُ ... إِذَا قَدَّرَ الرَّحْمَنُ شَيْئًا فَكَائِنُ

الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ سَبَّخَ اللَّهُ عَنْكَ الْحُمَّى أَيْ خَفَّفَهَا. وَسَبَخَ الْحَرُّ «٢»: فَتَرَ وَخَفَّ. وَالتَّسْبِيخُ النَّوْمُ الشَّدِيدُ. وَالتَّسْبِيخُ أَيْضًا تَوْسِيعُ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَتَنْفِيشُهَا، يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: سَبِّخِي قُطْنَكِ. وَالسَّبِيخُ مِنَ الْقُطْنِ مَا يُسَبَّخُ بَعْدَ النَّدْفِ، أَيْ يُلَفُّ لِتَغْزِلَهُ الْمَرْأَةُ، وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ سَبِيخَةٌ، وَكَذَلِكَ مِنَ الصُّوفِ وَالْوَبَرِ. وَيُقَالُ لِقِطَعِ الْقُطْنِ سَبَائِخُ، قَالَ الْأَخْطَلُ يَصِفُ الْقُنَّاصَ وَالْكِلَابَ:

فَأَرْسَلُوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرَابَ كَمَا ... يُذْرِي سَبَائِخَ قُطْنٍ نَدْفُ أَوْتَارِ

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: السَّبْخُ بِالْخَاءِ التَّرَدُّدُ وَالِاضْطِرَابُ، وَالسَّبْخُ أَيْضًا السُّكُونُ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَسَبِّخُوهَا بِالْمَاءِ) أَيْ سَكِّنُوهَا. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: السَّبْخُ: النَّوْمُ وَالْفَرَاغُ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مِنَ الْأَضْدَادِ وَتَكُونُ بِمَعْنَى السَّبْحِ، بِالْحَاءِ غَيْرِ المعجمة.

[[سورة المزمل (٧٣): آية ٨]]

وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (٨)

فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) أَيِ ادْعُهُ بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، لِيَحْصُلَ لَكَ مَعَ الصَّلَاةِ مَحْمُودُ الْعَاقِبَةِ. وَقِيلَ: أَيِ اقْصِدْ بِعَمَلِكَ وَجْهَ رَبِّكَ، وَقَالَ سَهْلٌ: اقْرَأْ بِاسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِكَ تُوَصِّلُكَ بَرَكَةُ قِرَاءَتِهَا إِلَى رَبِّكَ، وَتَقْطَعُكَ عَمَّا سِوَاهُ «٣». وَقِيلَ: اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ فِي وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، لِتَوَفَّرَ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَعْدِلَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. وَقَالَ الكلبي: صل لربك أي بالنهار.


(١). زيادة من نهاية ابن الأثير.
(٢). في ا، ح، ل، و: (الجن) بالجيم والنون وهو تحريف.
(٣). في ا، ح، ز، ط، (تهواه).