للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[سورة يوسف عليه السلام]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ مِنْهَا. وَرُوِيَ أَنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ فنزلت السورة، وسيأتي. وقال سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ: أُنْزِلَ الْقُرْآنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَاهُ عَلَيْهِمْ زَمَانًا فَقَالُوا: لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنَا، فَنَزَلَ:" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ" [يوسف: ٣] فَتَلَاهُ عَلَيْهِمْ زَمَانًا فَقَالُوا: لَوْ حَدَّثْتَنَا، فَأَنْزَلَ:" اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ" «١» [الزمر: ٢٣]. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَذَكَرَ اللَّهُ أَقَاصِيصَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْقُرْآنِ وَكَرَّرَهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ، بِأَلْفَاظٍ مُتَبَايِنَةٍ عَلَى دَرَجَاتِ الْبَلَاغَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ قِصَّةَ يُوسُفَ وَلَمْ يُكَرِّرْهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ مُخَالِفٌ عَلَى مُعَارَضَةِ مَا تَكَرَّرَ، وَلَا عَلَى مُعَارَضَةِ غير المتكرر، والإعجاز لمن تأمل.

[[سورة يوسف (١٢): آية ١]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (الر) «٢» تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ، وَالتَّقْدِيرُ هُنَا: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ، عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ. وَقِيلَ:" الر" اسْمُ السُّورَةِ، أَيْ هَذِهِ السُّورَةُ الْمُسَمَّاةُ" الر" (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) يَعْنِي [بِالْكِتَابِ «٣» الْمُبِينِ] الْقُرْآنَ الْمُبِينَ، أَيِ الْمُبِينُ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، وَحُدُودَهُ وَأَحْكَامَهُ وَهُدَاهُ وَبَرَكَتَهُ. وَقِيلَ: أَيْ هَذِهِ تِلْكَ الْآيَاتُ الَّتِي كُنْتُمْ توعدون بها في التوراة.

[[سورة يوسف (١٢): آية ٢]]

إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: إِنَّا أَنْزَلْنَا الْقُرْآنَ عَرَبِيًّا، نَصَبَ" قُرْآناً" عَلَى الْحَالِ، أَيْ مَجْمُوعًا. وَ" عَرَبِيًّا" نَعْتٌ لِقَوْلِهِ" قُرْآناً". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَوْطِئَةً لِلْحَالِ، كَمَا تَقُولُ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ رَجُلًا صَالِحًا، و" عَرَبِيًّا" على الحال،


(١). راجع ج ١٥ ص ٢٤٨.
(٢). راجع ج ١ ص ١٥٤ فما بعد.
(٣). من ع.