أن يكون اسما نعتا للذي. وَأَجَازَا" مَرَرْتُ بِالَّذِي أَخِيكَ" يَنْعَتَانِ الَّذِي بِالْمَعْرِفَةِ وَمَا قَارَبَهَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا مُحَالٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، لِأَنَّهُ نَعْتٌ لِلِاسْمِ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ، وَالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ: عَلَى الْمُحْسِنِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: تَمَامًا عَلَى الْمُحْسِنِ الْمُؤْمِنِ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِي مَعْنَى قول:" تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ" كَانَ فِيهِمْ مُحْسِنٌ وَغَيْرُ مُحْسِنٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الْمُحْسِنِينَ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ:" تَمَامًا عَلَى الَّذِينَ أَحْسَنُوا". وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَعْطَيْنَا مُوسَى التَّوْرَاةَ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ يُحْسِنُهُ مُوسَى مِمَّا كَانَ عَلَّمَهُ اللَّهُ قَبْلَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ عَلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: فَالْمَعْنَى" تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ" أَيْ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: مَعْنَاهُ عَلَى إِحْسَانِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى أَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ (مِنَ الرِّسَالَةِ «١» وَغَيْرِهَا). وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: تَمَامًا عَلَى إِحْسَانِ مُوسَى مِنْ طَاعَتِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَهُ الْفَرَّاءُ. ثُمَّ قِيلَ:" ثُمَّ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَقِصَّةُ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِتْيَانُهُ الْكِتَابَ قَبْلَ هَذَا، فَقِيلَ:" ثُمَّ" بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَيْ وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ، لِأَنَّهُمَا حَرْفَا عَطْفٍ. وَقِيلَ: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ ثُمَّ كُنَّا قَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ قَبْلَ إِنْزَالِنَا الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ أَتْلُ مَا آتَيْنَا مُوسَى تَمَامًا." وَتَفْصِيلًا" عُطِفَ عَلَيْهِ. وَكَذَا" وَهُدىً وَرَحْمَةً"" وَهذا كِتابٌ" ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ." أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ" نَعْتٌ، أَيْ كَثِيرُ الْخَيْرَاتِ. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ" مُبَارَكًا" عَلَى الْحَالِ." فَاتَّبِعُوهُ" أَيِ اعْمَلُوا بِمَا فِيهِ." وَاتَّقُوا" أَيِ اتَّقُوا تَحْرِيفَهُ." لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" أَيْ لِتَكُونُوا رَاجِينَ للرحمة فلا تعذبون.
[سورة الأنعام (٦): الآيات ١٥٦ الى ١٥٧]
أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧)
(١). من ب وج وك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute