للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّعْلَبِيُّ، وَهُوَ الثَّانِي عَشَرَ. الثَّالِثُ عَشَرَ: قَالَ هِلَالُ بْنُ يَسَافُ: هُوَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَقِيلَ: الْفِقْهُ فِي الدِّينِ. وَقِيلَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَهُمَا الرَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَامِسَ عَشَرَ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: هُوَ الْعَظِيمُ مِنَ الْأَمْرِ، وَذَكَرَ بَيْتَ لَبِيدٍ:

وَصَاحِبُ مَلْحُوبٍ فجعنا بفقده ... وعند الوداع بَيْتُ آخَرَ كَوْثَرِ

أَيْ عَظِيمٍ «١». قُلْتُ: أَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، لِأَنَّهُ ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَ فِي الْكَوْثَرِ. وَسَمِعَ أَنَسٌ قَوْمًا يَتَذَاكَرُونَ الْحَوْضَ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنْ أَعِيشَ حَتَّى أَرَى أَمْثَالَكُمْ يَتَمَارَوْنَ فِي الْحَوْضِ، لَقَدْ تَرَكْتُ عَجَائِزَ خَلْفِي، مَا تُصَلِّي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا سَأَلَتِ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَهَا مِنْ حَوْضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي حَوْضِهِ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ مَنْ يُدَانِيكَا ... وَأَنْتَ حَقًّا حَبِيبُ بَارِيكَا

وَجَمِيعُ مَا قِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِهِ قَدْ أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زِيَادَةً عَلَى حَوْضِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسليما كثيرا.

[[سورة الكوثر (١٠٨): آية ٢]]

فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)

فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: فَصَلِّ أَيْ أَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْكَ، كَذَا رَوَاهُ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ: فَصَلِّ لِرَبِّكَ صَلَاةَ الْعِيدِ وَيَوْمَ النَّحْرِ. وَانْحَرْ نُسُكَكَ. وَقَالَ أَنَسٌ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْحَرُ ثُمَّ يُصَلِّي، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَنْحَرُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا: صَلِّ لِرَبِّكَ صَلَاةَ الصُّبْحِ الْمَفْرُوضَةِ بِجَمْعٍ «٢»، وَانْحَرِ الْبُدْنَ بِمِنًى، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا: نَزَلَتْ فِي الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ حُصِرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبَيْتِ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُصَلِّيَ وَيَنْحَرَ الْبُدْنَ وَيَنْصَرِفَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ. قَالَ أبن العربي: أما من


(١). ملحوب: ماء لبني أسد بن خزيمة. وصاحبه: عوف بن الأحوص. والرداع (بالكسر): اسم ماء أيضا. والكوثر أيضا: السيد الكثير الخير.
(٢). جمع: المزدلفة.