أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَبَيَّنَهُ لَكُمْ. (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ) أَيْ يَعْمَلُ بِطَاعَتِهِ. (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) مِنَ الصَّلَاةِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَمِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ. (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) أَيْ فِي الآخرة.
[[سورة الطلاق (٦٥): آية ٦]]
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦)
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: يَخْرُجُ عَنْهَا إِذَا طَلَّقَهَا وَيَتْرُكُهَا فِي الْمَنْزِلِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَسْكِنُوهُنَّ. فَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَا قَالَ أَسْكِنُوهُنَّ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ يعني المطلقات اللاتي بِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا رَجْعَةَ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ وَلَيْسَتْ حَامِلًا، فَلَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ، لِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ، لَا يَتَوَارَثَانِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالْمَسْكَنُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. فأما مَنْ لَمْ تَبِنْ مِنْهُنَّ فَإِنَّهُنَّ نِسَاؤُهُمْ يَتَوَارَثُونَ، وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ مَا كُنَّ فِي عِدَّتِهِنَّ، وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالسُّكْنَى لَهُنَّ لِأَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِأَزْوَاجِهِنَّ مَعَ نَفَقَتِهِنَّ وَكَسَوْتِهِنَّ، حَوَامِلُ كُنَّ أَوْ غَيْرُ حَوَامِلَ. وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِالسُّكْنَى لِلَّائِي بنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ مَعَ نَفَقَتِهِنَّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَجَعَلَ عَزَّ وَجَلَّ لِلْحَوَامِلِ اللَّائِي قَدْ بِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَبَسْطُ ذَلِكَ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ السُّكْنَى أَطْلَقَهَا لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، فَلَمَّا ذَكَرَ النَّفَقَةَ قَيَّدَهَا بِالْحَمْلِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْبَائِنَ لَا نَفَقَةَ لَهَا. وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ مَهَّدْنَا سُبُلَهَا قُرْآنًا وَسُنَّةً وَمَعْنًى فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ. وَهَذَا مَأْخَذُهَا مِنَ الْقُرْآنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute